للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ندرك من هذا أن الشرط الجزائي يتولد عن التزام تبعي يقدر من خلاله التعويض بمبلغ معين، ثم إن شروط استحقاقه هي نفس شروط الالتزام الأصلي وسبب استحقاق هذا التعويض هو خطأ من المدين، وعدم قيامه بالتزامه الناشئ عن العقد الأصلي، ويترتب على الشرط الجزائي تعويض اتفق عليه المتعاقدان عند إبرام العقد الذي نشأ عن الالتزام بالشرط الجزائي، ولابد لكي يكون هذا الجزاء مستحقًا من حصول خطأ من المدين وضرر نتج عن هذا الخطأ للدائن، وبما أن جل القوانين العربية استندت في كثير من أحكامها على القانوني الفرنسي حتى في المعاملات التي تبرز أحكامها جلية في كتب الفقه الإسلامي، فيجدر بنا أن نذكر أن القانون الفرنسي نص في المادة ١١٥٢ على أنه إذا ذكر في الاتفاق أن الطرف الذي يقصر في تنفيذه يدفع مبلغًا معينًا من النقود على المثال، فلا يجوز أن يعطي الطرف الآخر مبلغًا أكثر أو أقل من المبلغ الذي نص عليه العقد.

أيضًا من الشروط الأساسية لاستحقاق التعويض الذي نص عليه الشرط الجزائي هو أن تتم العلاقة السببية بين الخطأ والضرر على أن يتم إعذار المدين بضرورة التنفيذ وإلا فأن الشرط الجزائي سيطبق عليه.

وعند محاولة تكييفه للشرط جعله تابعًا تبعية تامة للعقد الأصلي ومعنى هذا أن الشرط الجزائي ليس هو السبب في استحقاقه التعويض، ولذا فلا يتولد عنه التزام بالتعويض، فالذي يتولد عنه هو التزام تبعي بتقرير التعويض بمبلغ معين مع أن شروط هذا الاستحقاق هي نفس شروط الالتزام الأصلي.

شروط استحقاق الشرط الجزائي: هذه الشروط أهمها أنه لا يثبت استحقاق التعويض الناجم عن تحقق الشرط الجزائي إلا إذا وقع خطأ من المدين نتج عنه ضرر يصيب الدائن وعلاقة سببية بين الضرر والخطأ، كما لا يثبت استحقاقه إلا بعد إعذار المدين، وهذه هي الشروط التي حددها القانون على مختلف نصوصه للشرط الجزائي، فإذا لم يتم كل واحد من هذه الشروط لم يمكن الحكم باستحقاق التعويض الناجم عن الشرط الجزائي وهذا التعويض عادة لا يترك السلطة التقديرية للقاضي، إذ في الغالب يتم النص عليه أثناء إبرام العقد وربطه بالشرط الجزائي، وبما أن الالتزام بين الاثنين ناشئ عن العقد الأصلي، فلا يستطيع الدائن مطالبة المدين إلا بما نص عليه الالتزام الأصلي، وهذا يجعل الشرط الجزائي يسري عليه كل ما يسري على الالتزام الأصلي من بطلان وإبطال، وينشأ عن هذا أن الشرط الجزائي – كالتعويض – لا يعتبر التزامًا تخييريًّا، ولا التزامًا بديلا فكونه ليس التزامًا تخييريًّا يفوت على الدائن فرصة المطالبة بتنفيذ أي الالتزامين أراد، بل لا يمكن أن يطالب إلا بتنفيذ الالتزام الأصلي، ما دام ذلك ممكنا، ونفس الشيء أيضًا يقال في حق المدين الذي لا يملك هو أيضًا حق هذا الاختيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>