تعرفنا في المبحثين السابقين على تعريف الشرط بصفة عامة، والصيغ التي يرد عليها، كما رأينا أن المتعاقدين يمكن أن يختارا صيغة مباحة لتنفيذ اتفاقهما عليهما، كما يمكن في ظل دائرة المباح أن ينصا على تعويض يناله من جعل الشرط لصالحه حتى في حالة ما إذا أخل الطرف الآخر بمقتضيات الشرط، وحتى نتمكن من تسجيل سابقة البحوث الإسلامية في هذا الموضوع سننظر في الشرط الجزائي هنا من وجهة نظر القوانين الوضعية، معتمدين أساسًا على النظريات التي كتبها عبد الرزاق السنهوري لكونه تبنى طريقة مقارنة القوانين العربية مع التشريع الفرنسي، علمًا بأن المبادئ العامة تكاد تكون موحدة في مختلف القوانين الوضعية، وخصوصًا فيما يرجع لمصادر الالتزام، والتي اعتبرت الشرط وصفًا من أوصافها.
إن الشرط الجزائي يأتي نتيجة إرادة مشتركة تولد لدى أطراف العقد يهدفان من خلالها إلى جعل مراحل تنفيذ العقد لا تنتظر حكم القاضي عند الاختلاف حتى في التعويض الذي يمكن أن يطالب به الدائن إذا لم يف المدين بالتزامه، ويطلق عليه التعويض عن عدم التنفيذ، ثم أطلق عليه الشرط الجزائي لمصاحبته لتكوين العقد فتوضع شروطه ضمن التداول العام لتكوين العقد، فيستحق التعويض على هذا الأساس وضرب السنهوري أمثلة لهذا الإجراء منها:
١) يتفق مالك أرض مع مقاول على إنجاز بناء عليها خلال فترة محددة، وإذا تقاعس عن إتمام البناء في تاريخ معين، حتم عليه أن يدفع له تعويضًا بمبلغ كراء ذلك البناء، وقد عرفت حالات كثيرة وقعت في الدول الإسلامية فأيد القضاء فيها هذا الإجراء، في غالب أحواله.
وعلى هذا الإجراء نصت المواد ٢٣٣ مصري و٢٢٤ من التقنين العراقي و١٧٠ و٢٢٦ من قانون الموجبات والعقود اللبناني و١٠٨ مغربي.