المملكة العربية السعودية رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء
قرار رقم (٢٥) وتاريخ ٢١ / ٨ / ١٣٩٤ هـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فبناءً على ما تقرر في الدورة الرابعة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة فيما بين ٢٨ / ١٠ و١٤ / ١١ /٩٣ هـ من الرغبة في دراسة موضوع الشرط الجزائي، فقد جرى إدراجه في جدول أعمال الهيئة في دورتها الخامسة المنعقدة فيما بين ٥ و٢٢ / ٨ / ١٣٩٤ هـ في مدينة الطائف.
ثم جرى دراسة الموضوع في هذه الدورة بعد الاطلاع على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وبعد مداولة الرأي والمناقشة، واستعراض المسائل التي يمكن أن يقاس عليها الشرط الجزائي، ومناقشة توجيه قياسه على تلك المسائل والإيراد عليه، وتأمل قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] ، ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من قوله:((المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا)) ولقول عمر رضي الله عنه: (مقاطع الحقوق عند الشروط) والاعتماد على القول الصحيح من أن الأصل في الشروط الصحة، وأنه لا يحرم منها أو يبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وإبطاله نصًا أو قياسًا.
واستعراض ما ذكره أهل العلم من تقسيم الشروط في العقود إلى صحيحة وفاسدة وتقسيم الصحيحة إلى ثلاثة أنواع أحدها: شرط يقتضيه العقد كاشتراط التقابض وحلول الثمن، الثاني: شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كالتأجيل أو الرهن أو الكفيل به أو صفة في المثمن ككون الأمة بكرًا. الثالث شرط فيه منفعة معلومة وليس من مقتضى العقد ولا من مصلحته ولا منافيًّا لمقتضاه كاشتراط البائع سكنى الدار شهرًا، وتقسيم الفاسدة على ثلاثة أنواع أحدها: اشتراط أحد طرفي العقد على الطرف الثاني عقدًا آخر كبيع أو إجارة أو نحو ذلك. الثاني: اشتراط ما ينافي مقتضى العقد كأن يشترط في المبيع ألا خسارة عليه أو ألا يبيع أو يهب ولا يعتق. الثالث: الشرط الذي يتعلق به العقد كقوله بعتك إن جاء فلان. وبتطبيق الشرط الجزائي عليها وظهور أنه من الشروط التي تعتبر من مصلحة العقد إذ هو حافز لإكمال العقد في وقته المحدد له والاستئناس بما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن ابن سيرين أن رجلًا قال لكريه أدخل ركباك فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم فلم يخرج فقال شريح: من شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهو عليه، وقال أيوب عن ابن سرين: أن رجلًا باع طعامًا وقال: إن لم آتك الأربعاء فليس بيني وبينك بيع، فلم يجيء، فقال شريح للمشتري: أنت أخلفت فقضى عليه، وفضلًا عن ذلك فهو في مقابلة الإخلال بالالتزام حيث إن الإخلال به مظنة الضرر وتفويت المنافع، وفي القول بتصحيح الشرط الجزائي سد لأبواب الفوضى والتلاعب بحقوق عباد الله، وسبب من أسباب الحفز على الوفاء بالعهود والعقود تحقيقًا لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] .