للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث

الشروط عند المالكية

في الجزء الرابع من المدونة الكبرى نقرأ ما يلي:

(قلت) : أرأيت لو بعت عبدًا من أجنبي بمائة دينار، وقيمته مائتا دينار، على أن أسلفني المشتري خمسين دينارًا؟ (قال: البيع فاسد، ويبلغ به قيمته إذا فات مائتي دينار. (قلت) : لِمَ؟ (قال) : لأن العقدة وقعت فاسدة؛ لأن فيها بيعًا وسلفًا، ولأن البائع يقول: أنا لم أرض أن أبيع عبدي بمائة دينار وقيمته مائتًا دينار إلا بهذه الخمسين التي أخذتها سلفًا (١) .

وقال مالك في البيع والسلف: إذا ترك الذي اشترط السف ما اشترط صحت العقدة (٢) .

(قلت) : أرأيت لو أن رجلًا اشترى جارية على أن البائع متى ما جاء بالثمن فهو أحق بالجارية، أيجوز هذا في قول مالك؟ (قال) : لا. (قلت) : لم؟ (قال) : لأن هذا يعتبر كأنه بيع وسلف (٣) .

(قلت) : أرأيت إن اشتريت عبدًا على أن أعتقه، أيجوز هذا الشراء في قول مالك؟ (قال) : نعم. (قلت) : لم أجزته وهذا البائع لم يستقص الثمن كله للشرط الذي في العبد (قال) : لأن البائع وضع من الثمن للشرط الذي في العبد فلم يقع فيه الغرر (٤) .

العتق إلى أجل غرر، وبتات العتق ليس بغرر (٥) .

(قلت) : أرأيت الدار التي يشتريها الرجل على أن للبائع سكناها سنة أيجوز هذا في قول مالك؟ (قال) : قال مالك: ذلك جائز إذا اشترط البائع سكناها الأشهر، والسنة ليست ببعيد، وكره ما تباعد من ذلك (٦) .

(قلت) : أرأيت إن بعت دابتي هذه على أن لي ركوبها شهرًا أيجوز هذا في قول مالك؟ (قال) : قال مالك: لا خير فيه، وإنما يجوز من ذلك في قول مالك اليوم واليومين وما أشبهه، وأما الشهر والأمر المتباعد فلا خير فيه (٧) .

(قال ابن وهب) : قال مالك: إن اشترط ركوبها إلى قريب فلا بأس به، فأما إن اشترط بائع الدابة أن يركبها إلى البعد الذي يخالفه أن تدبر فيه دبرًا يهلكها ولا ترجع منه فذلك بيع الغرر، ولا يحل (٨) .

وقال ابن رشد الحفيد في بيوع الشروط والثنيا:

والأصل في اختلاف الناس في هذا الباب ثلاثة أحاديث: أحدها حديث جابر قال: ابتاع مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا وشرط ظهره إلى المدينة) وهذا الحديث في الصحيح. والحديث الثاني حديث بريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط)) والحديث متفق على صحته، والثالث حديث جابر قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والمعاومة والثنيا، ورخص في العرايا) وهو أيضًا في الصحيح خرجه مسلم. ومن هذا الباب ما روي عن أبي حنيفة أنه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيع وشرط)) .


(١) ص١٣٢
(٢) ص١٣٢
(٣) ص١٣٣
(٤) ص١٥٢
(٥) انظر، ص ١٥٢، وفيها توضيح حدوث الغرر.
(٦) ص٢٢٠
(٧) ص٢٢٠
(٨) ص٢٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>