للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرابع

الشروط عند الشافعية

قال الشافعي – رحمه الله -:

وإذا باع الرجل العبد على أن لا يبيعه، أو على أن يبيعه من فلان، أو على أن لا يستخدمه، أو على أن ينفق عليه كذا، أو على أن يحارجه، فالبيع كله فاسد لأن هذا كله غير تمام ملك ولا يجوز الشرط في هذا إلا في موضع واحد وهو العتق اتباعًا للسنة ولفراق العتق لما سواه فنقول: إن اشتراه منه على أن يعتقه فأعتقه في البيع جائز، إن قال رجل ما فرق بين العتق وغيره؟ قيل: قد يكون لي نصف العبد فأهبه أو أبيعه وأصنع فيه ما شئت غير العتق ولا يلزمني ضمان نصيب شريكي فيه ولا يخرج نصيب شريكي من يده، لأن كلا مالك لما ملك، فإن أعتقه وأنا موسر عتق على نصف شريكي الذي لا أملك ولم أعتق وضمنت قيمته، وخرج من يدي شريكي بغير أمره، وأعتق الحمل فتلده لأقل من ستة أشهر فيقع عليه العتق، ولو بعته لم يجز البيع مع خلافه لغيره في هذا وفي أم الولد والمكاتب وما سواه (١) .

وقال الشيرازي:

إذا شرط في البيع شرطًا نظرت – فإن كان شرطًا يقتضيه البيع كالتسليم والرد بالعيب وما أشبهها – لم يبطل العقد؛ لأن شرط ذلك بيان لما يقتضيه العقد فلم يبطله، فإن شرط ما لا يقتضيه العقد، ولكن فيه مصلحة كالخيار والأجل والرهن والضمين لم يبطل العقد؛ لأن الشرع ورد بذلك على ما نبينه في مواضعه إن شاء الله وبه الثقة، ولأن الحاجة تدعو إليه فلم يفسد العقد. فإن شرط عتق العبد المبيع لم يفسد العقد، لأن عائشة – رضي الله عنها – اشترت بريرة لتعتقها، فأراد أهلها أن يشترطوا ولاءها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق)) .

وإن اشتراه بشرط العتق فامتنع من إعتقاه ففيه وجهان (أحدهما) يجبر عليه لأنه عتق مستحق عليه، فإذا امتنع أجبر عليه، كما لو نذر عتق عبد ثم امتنع من إعتقاه (الثاني) لا يجبر، بل يثبت للبائع الخيار في فسخ البيع؛ لأنه ملكه بالعوض، وإنما شرط للبائع حقًا فإذا لم يف ثبت للبائع الخيار كما لو اشترى شيئًا بشرط أن يرهن بالثمن رهنًا فامتنع من الرهن (٢) .

ثم قال:

فإن شرط ما سوى ذلك من الشروط التي تنافي مقتضى البيع بأن باع عبدًا بشرط أن لا يبيعه أو لا يعتقه، أو باع دارًا بشرط أن يسكنها مدة، أو ثوبًا بشرط أن يخيطه له أو فلعة بشرط أن يحذوها له بطل البيع، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه نهى عن بيع وشرط ". وروي أن (أن عبد الله بن مسعود اشترى جارية من امرأته زينب الثقفية وشرطت عليه أنك إن بعتها فهي لي بالثمن، فاستفتى عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما – فقال: لا تقربها، وفيها شرط لأحد) (٣) .


(١) الأم: ٣ / ٧٨
(٢) المذهب من المجموع: ٩ / ٣٥٧.
(٣) المرجع السابق: ٩ / ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>