للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الضرب الخامس) أن يشترط ما سوى الأربعة من الشروط التي تنافي مقتضى البيع، بأن باعه شيئا بشرط ألا يبيعه ولا ينتفع به، أولا يعتقه أو لًا يقبضه أو لا يؤجره أو لا يطأها أو لا يسافر به أو لا يسلمه إليه، أو بشرط أن يبيعه غيره، أو يشتري منه أو يقرضه أو يؤجره أو خسارة عليه إن باعه بأقل، أو أنه إذا باعه لا يبيعه إلا له أو ما أشبه ذلك، فالبيع باطل في جميع هذه الصور أشباهها لمنافاة مقتضاه، ولا فرق عندنا بأن يشرط شرطًا واحدًا أو شرطين.

وحكى إمام الحرمين والرافعي وغيرهما قولًا غريبًا حكاه أبو ثور، عن الشافعي أن البيع لا يفسد بالشروط الفاسدة بحال، بل يلغو الشرط ويصح البيع لقصة بريرة رضي الله عنها، وهذا ضعيف. وحينئذ البيع عكس النكاح، فإن المشهور أنه لا يفسد بالشروط الفاسدة، وفيه قول شاذ ضعيف أنه يفسد بها (١) .

وتحدث الغزالي عن النهي عن بيع وشرط فقال:

فاقتضى مطلقه امتناع كل شرط في البيع، والمفهوم من تعليله أنه إذا انضم شرط إلى البيع، بقيت معه علقه بعد العقد، يتصور بسببها منازعة، ويفوت بفواتها مقصود العاقد، وينعكس على أصل العقد، فيحسم الباب، ولم يكن محذور هذا النهي منفصلًا عن العقد، فيدل على فساده، أو فساد الشرط لا محالة.

ويستثنى من هذا الأصل حال الإطلاق ستة شروط:

الأول: أن يشترط ما يوافق العقد.

الثاني: شرط الخيار ثلاثة أيام فما دونه.

الثالث: شرط المهلة في الثمن إلى ميقات معلوم.

الرابع: شرط الوثيقة في الثمن بالرهن، أو الكفيل، أو الشهادة.

الخامس: شرط العتق في المبيع.

السادس: إذا شرط في المبيع وصفًا ناجزا، ليس يتوقف على أمر بعده. وفصل الغزالي القول في كل شرط من هذه الشروط الستة (٢)

والنووي تحدث في البيوع المنهي عنها؛ عن النهي عن بيع وشرط، وعقد فصلًا في ضبط صحيح الشروط في البيع وفاسدها، وذلك في كتابه روضة الطالبين (٣) ولعل ما نقلت عنه في المجموع فيه ما يكفي.

* * *


(١) المجموع شرح المهذب: ٩ / ٣٦٣ – ٣٦٤.
(٢) راجع الوسيط: ٣ / ٧٤ – ٨٧؛ وراجع النهي عن بيع وشرط، وما يستثنى من النهي؛ في زاد المحتاج بشرح المنهاج: ٢ / ٣٤ – ٣٨.
(٣) راجع الكتاب المذكور: ٩ / ٣٩٨ – ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>