للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما هي حقيقة الشرط الجزائي التثقيلي؟ :

يجب أن نضع بين أيدي الجواب عن ذلك الملاحظة التالية:

هل يصنف الشرط الجزائي في باب اشتراط الشروط وتنطبق عليه الأحكام المسجلة هناك؟ أم أنه صنف قائم بذاته له أحكامه الخاصة؟

يجدر بنا أن نشير بادئ ذي بدء إلى أن الشرط الجزائي هو بند يوضع في نفس العقد أو بعقد مستقل عنه حتى تطمئن النفس لضمان تنفيذ العقد بكامل أوصافه ومقتضياته، وحتى يكون هذا النفاذ في الأجل المحدد من كل الأطراف حسب الاتفاق:

الشرط الجزائي:

الأصل فيه كما قال القاضي شريح: (من شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهو عليه) .

أي أن الأصل الجواز لأن الناس عند شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا.

ويحقق ذلك ما جاء في باب التعهد بجبر الضرر عن عدم التنفيذ وعن الانتظار لحصول الوفاء أو دفع العربون لتلك الغاية أو الفوز به عند عدم الإنجاز.

وفي الأثر أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أقر هذا الشرط التغريمي أي شرط الجزاء لما اشترى له نافع بن الحارث دارًا وكان الشرط لفائدة البائع إن لم يرض عمر فللبائع مبلغ كذا من المال.

والفقهاء يجيزون هذا الشرط غير المنافي لمضمون ومقتضى العقد وغير المنهي عنه شرعًا وعرفًا وأخلاقًا، وذلك لما أخرجه الشيخان وأحمد أن جابرًا باع النبي عليه الصلاة والسلام بعيرًا واشترط الحمل عليه إلى أهله فأقره صلى الله عليه وسلم ونقده ثمنه.

والشرط الجزائي لا يناقض العقد ولا ينافيه ولا يفسده ولا يبطله ضرورة أنه يسعى لإتمام العقد ويصون نفاذه وتحقق الوفاء به ولأنه يجوز في البيع شرط ورهن وأجل.

والشرط الجزائي له من ناحية أخرى صبغة خاصة مميزة فهو شرط تعويض عن ضرر مادي أو معنوي كما له صبغة الجزاء، فالطرفان يتفقان على غرامة تعويضية يقدرانها مسبقًا عند حدوث عدم الوفاء وهي في نفس الوقت تجازي المتخلف عن الوفاء، وتعاقبه بغرم قد يتجاوز مقداره الضرر الفعلي الحاصل للطرف المتضرر.

ودليل هذا أن القاضي الذي يفزع له الطرفان ويحتكما إليه يكون مكتوف الأيدي عند حدوث موجب الشرط ولا يستطيع التدخل لفائدة أحد المتنازعين المتعاقدين الملزمين. مع أن القاضي يمكنه عند القضاء بغرامة غير متفق عليها عند عدم الوفاء وهو حر في تقديرها وفي تعديلها متى اتضح له أن المدين وفي بالتزامه أو بعضه وأنه لم يحدث ضرر يذكر.

وكل ما ذكرنا لا يبعدنا عن نطاق اشتراط الشروط في العقود وعند إبرامها لغايات ومقاصد يرمي إليها الأطراف وقواعد وأحكام ذلك تقربنا من موضوع بحثنا الذي نعالج.

<<  <  ج: ص:  >  >>