للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكام الشرط شرعًا وفقهًا

اختلف فقهاء الإسلام في موضوع اشتراط الشروط اعتمادًا على: الأصل في العقود والشروط والإباحة، ولا عبرة لمن يرى أن الأصل المنع، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء ٣٤] .

فالحنفية يجيزون الشروط التي لا تتنافى مع طبيعة العقد أو التي جاء نص بجواز موضوعها أو جرى العرف والعادة بها. وعندهم أن الشرط الصحيح هو ما كان موافقًا لمقتضى العقد أو مؤكد لمقتضاه أو جاء به الشرع أو جرى به العرف، فهناك شروط يقتضيها العقد وأخرى تؤكد موجبه، وثالثة جرى بها العمل واقتضاها العرف، والرابعة التي أجازها الشرع ولم يحرمها.

وهكذا تكون الشروط سالمة الصحة نافذة المفعول إذا لم تكن منافية لمقاصد الشريعة ومبادئ وأحكام التشريع الإسلامي.

((ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق)) حديث رواه البخاري.

أما الشافعية: فهم يجيزون بصفة عامة كل الشروط التي يقتضيها العقد وتؤكد وجوده، وكذلك ما جاءت به مصلحة كالخيار والأجل.

أما ما ليس فيه مصلحة لأحد الأطراف ولا يرمى إليه العقد ولا يقتضيه فهو باطل ولا التفات لمن يجيزه.

والمالكية: يقول ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد:

وأما مالك فالشروط عنده تنقسم إلى ثلاثة أقسام: شروط تبطل هي والعقد، وشروط تجوز هي والعقد، وشروط تبطل ويثبت العقد.

وقد يظن أن عنده قسمًا رابعًا وهو أن من الشروط ما أن تمسك المشترط بشرط بطل البيع وإن تركه جاز البيع وإعطاء فروق بينة في مذهبه بين هذه الأصناف الأربعة عسير وقد رام ذلك كثير من الفقهاء، وإنما هي راجعة إلى كثرة ما يتضمن من الشروط من صنفي الفساد الذي يخل بصحة البيع وهي الربا والغرر وإلى قلته وإلى التوسط بين ذلك أو إلى ما يفيد نقصًا في الملك، فما كان دخول هذه الأشياء فيه كثيرًا من قبل الشرط أبطله وأبطل الشرط وما كان قليلًا أجازه وأجاز الشرط فيها وما كان متوسطًا أبطل الشرط وأجاز البيع.

ويرى أصحاب مالك أن مذهبه هو أولى المذاهب إذ بمذهبه تجتمع الأحاديث كلها والجمع عندهم أحسن من الترجيح.

وسنرى أن الشرط الجزائي يأخذ أحكامه الفقهية على ضوء ما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>