للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحنابلة: الأصل عندهم في العقود والشروط الجواز والصحة، ولا يحرم منها ولا يبطل إلا ما يدل الشرع على تحريمه وإبطاله بالطرق الأصولية نصًا أو قياسًا عند من يراه ويقول به.

وقد بسط الفقه الكبير ابن تيمية الموضوع بسطًا شافيًّا في فتاواه.

ويقول ابن القيم: الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما كان أبطله الشارع أو نهى عنه، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم الدليل على التحريم والبطلان.

بعد هذه البسطة الموجزة حول الشرط في الفقه، وبما أن الناس تحدث لهم أقضية يجب الكشف عن أحكامها وبيان حليتها من حرمتها، وللمقارنة والإيضاح وإيجاد أرضية سليمة للفتوى فيما يتعامل به الناس اليوم ويسجلونه في كتائبهم وعقودهم نشير إلى حقيقة الشرط الجزائي في القوانين الحديثة المتعامل بها والتي عالجت هذا الموضوع.

الشرط الجزائي:

هو بند خاص يضعه المتعاقدان داخل العقد حين إبرامه أو إخراجه بعد عقده وإبرامه، لا يمس أصلًا بجوهر الاتفاق وأركانه وغايته ولا يعلق الاتفاق ولا يوقفه. وهو يرمي إلى تنفيذ الاتفاق وإنجازه وإلى عدم المماطلة في الوفاء به لأنه في غالب الصور يضع عقابًا للمماطل المخل بالوفاء ويحكم مسبقًا بغرامة قد تناسب الضرر أو لا تناسبه يجب على المخالف دفعها عند عدم الوفاء.

ومن هنا يتضح الفرق فالشرط قد يترتب عليه عدم تواجد الالتزام وبطلانه وفساده، أما بند الشرط الجزائي فهو جزاء عن عدم الوفاء بالالتزام وشروطه وأركانه المتفق عليها ثم تقدير المضرة والخسارة التي قد تنتج ووضع تصور عنها قبل حدوثها وهو أمر تخميني قد لا يصور الضرر تصويرًا جليًّا وحقيقيًّا.

يقول الفقيه عبد الرزاق السنهوري الفقيه المصري المعروف: إن الدائن والمدين لا يتركان للقاضي حق تقدير الضرر والتعويض عنه (١) .

ويقول أحد شراح القانون الفرنسي:

إن الشرط الجزائي يجنبنا مشاكل تقدير الغرامة ويحول دون صعوبة في ذلك.


(١) الوسيط: ٢ / ٨٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>