الأولى: ما جاء في بحث الشيخ الصديق الضرير حيث قال: " لا نتوقع وجود نص في القرآن أو السنة أو قول لصاحبي أو فقيه من المتقدمين في حكم الشرط الجزائي الذي بينا حقيقته في القانون "، ثم عمد إلى تلمس أشباه هذا الموضوع فأتى بشبهه بالعربون وشبهه بالإدخال (إدخال الواعد الموعود في أمر لم يدخل فيه لولا الواعد) ، وأدخل ركابك فإن لم أرحل معك فلك كذا، وبالرهن والكفيل، وأشار إلى أنه معاملة مستحدثة. وكل هذه جهود فقهية مبرورة مأجورة مشكورة، ولكني أطلعت على المغنى لابن قدامة فعثرت على نص فقهي يصلح أساسًا للشرط الجزائي، وهي مسألة من مسائل الإجارة يقول:" إذا قال الشخص لمن يخيط ثوبًا: إن خطت هذا الثوب بيومين فلك كذا، وإن خطته في يوم واحد فلك كذا "، هذه مسألة مقررة في الإجارة وهي تنظر إلى أن المنفعة تتأثر بالزمن الذي تسلم فيه. فالمقاول إذا سلم المصنوع أو المشروع في زمن مثلًا ستة أشهر يختلف أجره ومقابله عمّا إذا سلمه في تسعة أشهر مثلًا، من هذا المنطلق كان من النصوص الفقهية القديمة التي يستأنس بها: أن تقدير العمل المطلوب وليس الدين الملتزم في الذمة يتأثر بالتأخر.
هذا ما أحببت أن أنوه به وأشير إليه، وهذا أيضًا يجيب على تساؤل طرحه بالأمس أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الهندسة بأن عقد التوريد يجب أن يكون له ثمنان، فربما يمكن أن يقال مثلًا في عقود تسليم الأعمال: إذا سلم العمل في تاريخ كذا فله ثمن كذا. وهذا يختلف عن البيع، فالبيع يجب أن يكون له ثمن واحد لأنه ليس فيه منفعة ولا عمل ولا صنع، وأما إذا كان كالإجارة أو الاستصناع فمن الممكن ترديد الثمن بما يغطي فترة التبكير أو التأخير.