للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ الصديق الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

المقصود من النظر في المعاملات الجارية في البلاد العربية هو بيان هل هي مقبولة شرعًا أم غير مقبولة؟ وهذا هو السبب الداعي إلى النظر في حكم الشرط الجزائي. المتحدث عنه هو الشرط الجزائي المعمول به في البلاد العربية، هل هو جائز شرعًا ومقبول جملة وتفصيلًا؟ أم مرفوض جملة وتفصيلًا؟ أم مقبول في الجملة مرفوض في بعض جزئياته؟ هذا هو المنهج الذي سرت عليه في بحثي في هذا الموضوع.

النقطة الثانية: مسألة العقود التي تعرض إليها المجمع:

ذكرت في البحث هذه العقود واستأنست بها في استخلاص القرارات، والعقود أكثر من أربعة، هي خمسة عقود في الواقع، أذكرها لكم تفصيلًا.

أولًا: ذكرت تحت عنوان العقود التي يجوز فيه اشتراط الشرط الجزائي، وبدأت بما ورد فيه قرار من مجمع الفقه.

الأول: عقد الاستصناع، وهذا صدر فيه قرار هذا نصه (يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًّا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان، ما لم تكن هناك ظروف قاهرة) ، وأخضعت هذا القرار إلى ما توصلت إليه بالنسبة للشرط الجزائي.

عقد الاستصناع هذا الذي أصدر فيه المجمع قراره يقابل عقد المقاولة في القوانين الوضعية عندما تكون المادة والعمل من المقاول ويطابقه تمامًا على الرأي القائل: إن عقد الاستصناع عقد ملزم، وهو ما قرره مجمع الفقه. هذا القرار يجيز اشتراط الشرط الجزائي في عقد الاستصناع ويلزم المتعاقدين بتنفيذ ما اتفقا عليه ما لم تكن هناك ظروف قاهرة. ويلحظ على هذا أن القرار يضع شرطًا واحدًا لاستحقاق الشرط الجزائي المتفق عليه في العقد، هو ألا تكون هناك ظروف قاهرة تمنع تنفيذ العقد. هذا الشرط يقابل شرط وجود الخطأ من المدين الذي يشترطه القانون لاستحقاق الشرط الجزائي، ولكن القرار لم يشر إلى باقي الشروط التي يشترطها القانون والتي أوردتها في بياني لحقيقة الشرط الجزائي، لابد من الرجوع إليها والتحقق منها، فهل يفهم من هذا أن القرار لا يشترط حدوث ضرر لاستحقاق الشرط الجزائي؟

جميع القوانين في البلاد العربية التي لا تلتزم بالشريعة، والقوانين في البلاد التي تلتزم بالشريعة (القانون الأردني والقانون السوداني) تشترط حدوث هذا الضرر. وهذا خلاف ما أشار إليه الأخ الدكتور عبد الستار وأراد أن يحذف ما اقترحته من أنه إذا ثبت عدم الضرر لا يستحق التعويض، هذا محل اتفاق بين جميع القوانين، وهو العدل لأن الشرط الجزائي هو اتفاق على التعويض لكنه يفترض أن التعويض حدث وأن هذا الاتفاق مقابل هذا الضرر. ولذلك ألقى عبء إثبات عدم الضرر على الطرف الآخر، لكن المفترض أن هناك ضرر وأن التعويض أو المبلغ الذي اتفق عليه مساو لهذا الضرر ما لم يثبت خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>