للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواقع في نظري أن اتفاقية التوريد لا تعدو من الناحية الشرعية أن تكون تفاهمًا ومواعدة من الطرفين، أما البيع الفعلي فلا ينعقد إلا عند تسليم المبيعات، فالإشكال الوحيد إذن هو في جعل هذه المواعدة لازمة، والحكم عند أكثر الفقهاء أن المواعدة لا تكون لازمة في القضاء، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي في موضوع لزوم الوعد على هذا الأساس بأن الوعد إنما يجوز الإلزام به إذا كان من طرف واحد. أما إذا كان المواعدة من الطرفين، فإنها لا تلزم (١) ولكن يوجد عند بعض الفقهاء القول بلزوم المواعدة عند الحاجة ولذلك نظائر في الفقه:

أما النظير الأول: فهو بيع الوفاء، وقال فيه قاضي خان من الحنفية

" اختلفوا في البيع الذي يسميه الناس بيع الوفاء أو بيع الجائز قال أكثر المشايخ منهم السيد الإمام أبو شجاع والقاضي الإمام أبو الحسن السغدي: حكمه حكم الرهن. . . والصحيح أن العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع، لا يكون رهنًا ثم ينظر إن ذكرا شرط الفسخ في البيع فسد البيع. . . وإن ذكرا البيع من غير شرط، ثم ذكرا الشرط على وجه المواعدة جاز البيع، ويلزمه الوفاء بالوعد، لأن المواعدة قد تكون لازمة، فتجعل لازمة لحاجة الناس (٢) .

وبمثله أفتى بعض علماء المالكية في بيع الوفاء الذي يسمى عندهم بيع الثنيا أو بيع الثنايا، فإنه لا يجوز عندهم في الأصل، ولكن إذا وقع البيع مطلقًا من هذا الشرط، ثم وعد المشتري البائع بأنه سوف يبيعه إذا جاءه بالثمن، فإن هذا الوعد صحيح لازم، قال الحطاب رحمه الله:

" قال في معين الحكام: ويجوز للمشتري أن يتطوع للبائع بعد العقد بأنه إن جاءه بالثمن إلى أجل كذا، فالمبيع له. ويلزم المشتري متى جاءه بالثمن في خلال الأجل أو عند انقضاءه أو بعده على القرب منه، ولا يكون للمشتري تفويت في خلال الأجل، فإن فعل ببيع أوهبة أو شبه ذلك نقض إن أراده البائع ورد إليه " (٣) .


(١) راجع مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس: ٢ / ١٥٩٩، قرار رقم (٢، ٣) من الدورة الخامسة المنعقدة بالكويت سنة (١٤٠٩هـ) .
(٢) التفاوي الخانية، بهامش الفتاوي الهندية، ٢ / ١٦٥، فصل في الشروط المفسدة في البيع.
(٣) تحرير الكلام في مسائل الالتزام، للحطاب، ص ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>