للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكييف الفقهي للمناقصات:

لا يوجد ذكر للمناقصات في الكتب الفقهية، مع وجود ذكر المزايدات.

لأن المناقصات ظاهرة جديدة أوجدتها حاجات المشاريع الكبيرة من التجارة والصناعة، ولكن ليس معنى ذلك أن لا تكون المناقصة مقبولة شرعًا، ما لم يكن فيها ما هو محظور من الناحية الشرعية، ويمكن قياسها في بعض الأمور على المزايدة أو بيع من يزيد.

أما تكييفها الفقهي، فيختلف عندنا باختلاف موضوع المناقصة، فإن كان موضوع المناقصة عقدًا يجوز إنجازه على الفور شرعًا، مثل عقد البيع للمبيعات الموجودة عند البائع، أو عقد الإجارة، أو عقد الاستصناع أو المقاولة، فالدعوة إلى المناقصة في هذه العقود دعوة إلى هذه العقود. وقد يزعم بعض الناس أن الدعوى إلى المناقصة عن طريق الإعلان الصحفي إيجاب من قبل الجهة الطالبة، وإرساء العطاء قبول من قبل صاحب العرض، وليس الأمر كذلك، لأن الإيجاب الفقهي لا بد له من تحديد السعر، أما الإعلان الصحفي فلا يتحدد فيه السعر من قبل الجهة الطالبة للمناقصة، ولأن العقد لا يتم بمجرد فتح العرض الأقل، فقد يحق للجهة الطالبة أن تجري مفاوضة مع صاحب العرض الأقل إذا كان سعره المعروض أكثر من سعر السوق، وفي بعض الحالات الأخرى أيضًا. فالصحيح أن الإعلان الصحفي ليس إلا دعوة للدخول في العقد، والإيجاب الفقهي هو تقدم صاحب العرض بعرضه، ويتوقف قبوله على إرساء العطاء، فكلما أرسى العطاء، ولو بعد إجراء المفاوضة، تحقق القبول، وتم العقد إذا كان الموضوع بيعًا منجزًا، أو إجارة أو استصناعًا.

وهذا هو الموقف المختار عند الفقهاء في بيع المزايدة، ويقول الحطاب رحمه الله تعالى:

" أما بيع المزايدة فالحكم فيه أن كل من زاد في السلعة لزمته بما زاد فيها إن أراد صاحبها أن يمضيها له ". (١)

فقوله: " إن أراد صاحبها أن يمضيها له " صريح في أن العرض الزائد يحتاج إلى القبول.


(١) مواهب الجليل للحطاب: ٤/٢٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>