للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا قال الدكتور عبد الرازق السنهوري.

" ويعنينا في العقود التي تتم بالمزايدة أن نعرف متى يتم الإيجاب ومتى يتم القبول، فقد يظن أن طرح الصفقة في المزاد هو الإيجاب، والتقدم بالعطاء هو القبول. وليس هذا صحيحًا، فإن طرح الصفقة في المزاد لا يعدو أن يكون دعوة إلى التعاقد عن طريق التقديم بعطاء، والتقدم بعطاء هو الإيجاب، أما القبول فلا يتم إلا برسو المزاد، ويكون هو إرساء المزاد على من يرسو عليه، وهذا هو الذي جرى عليه القضاء المصري في ظل القانون القديم " (١) .

ولما كان التقدم بعطاء إيجابي فالظاهر من ضوابط الإيجاب الفقهية أن يجوز للموجب الرجوع عن إيجابه قبل رسول العطاء الذي يعتبر قبولًا في بيع المزايدة وعلى هذا جرى القانون المصري، كما ذكره الدكتور السنهوري حيث يقول:

" فقد كان يعتبر التقدم بالعطاء إيجابًا لا قبول، ويرتب على ذلك جواز الرجوع فيه قبل إرساء المزاد " (٢) .

وقد ذكر في الحاشية على أن على هذا الأساس صدر الحكم من محكمة الاستئناف المصرية، وهذا هو القياس، وإن لم يتعرض لبيانه معظم فقهاء الحنفية، ولكن يظهر من كتب المالكية أن الذي يتقدم بالعطاء في المزايدة – وهو الموجب – لا يحق له الرجوع من إيجابه إلى أن يرسو العطاء. قال ابن رشد – رحمه الله تعالى -:

والحكم فيه أن كل من زاد في السلعة لزمته بما زاد فيها إن أراد صاحبها أن يمضيها له بما أعطى فيها ما لم يسترد سلعته فيبيع بعدها أخرى أو يمسكها حتى ينقضي مجلس المناداة " (٣) .


(١) الوسيط: ١ / ٢٢٦، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
(٢) المصدر السابق نفسه.
(٣) البيان والتحصيل: ٨ / ٤٧٦، ط. دار الغرب الإسلامي، بيروت (١٤٠٤ هـ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>