للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر الإمام الخوئي (رحمه الله) في شرح مراد السيد اليزدي فقال: " ولعل مراده من كلامه هذا يرجع إلى إرادة معنى آخر غير المعنى المصطلح من الضمان، أعني نقل ما في ذمة إلى أخرى " (١) . وقد يكون هذا المعنى هو التعهد بالمال وكون مسؤوليته عليه من دون انتقاله – بالفعل – إلى ذمته، كما هو الحال بالمال وكون مسؤوليته عليه من دون انتقاله – بالفعل – إلى ذمته، كما هو الحال في موارد ضمان العارية مع شرط، أو كون العين المستأجرة ذهبًا أو فضة فإن ضمانها ليس بالمعنى المصطلح جزمًا، إذ لا ينتقل شيء بالعارية إلى ذمة المستعير، فإن العين لا تقبل الانتقال إلى الذمة وهو غير مشغول الذمة ببدلها قبل تلفها، فليس ضمانها إلا بمعنى كون مسؤولياتها في عهدته بحيث يكون هو المتعهد بردها ولو مثلًا أو قيمة عند تلفها ... . .

وكيف كان فإذا صح مثل هذا الضمان في الأعيان الخارجية كموارد اليد والعارية فليكن ثابتًا في الأمور الثابتة في الذمة أيضًا، فإنه لا يبعد دعوى كونه متعارفًا كثيرًا في الخارج، فإن أصحاب الجاه والشأن يضمنون المجاهيل من الناس من دون أن يقصد بذلك انتقال المال بالفعل إلى ذممهم وإنما يراد به تعهدهم به عند تخلف المضمون عنه عن أداء ".

ثم قال الإمام الخوئي: " والحاصل: أن الضمان في المقام غير مستعمل في معناه المصطلح. . . وإنما هو مستعمل في التعهد والمسؤولية عن المال، وهو أمر متعارف عند العقلاء، فتشمله العمومات والإطلاقات، فإنه عقد يجب الوفاء به " (٢) .

وقد ذكر الشهيد الصدر – رضوان الله تعالى عليه – النتيجة نفسها التي انتهينا إليها سابقًا فقال: إن هناك معنى للضمان غير المعنى المصطلح عند الإمامية وعند السنة، وهو معنى ثالث عبارة عن: " تعهد بالأداء لا تعهد بالمبلغ في عرض مسؤولية المدين، وأن هذا التعهد ينتج ضمان قيمة المتعهد به إذا تلف بامتناع المدين عن الأداء، ولكن حيث إن الأداء ليس له قيمة مالية إلا بلحاظ مالية مبلغ الدين فاستيفاء الدائن لقيمة الأداء من الضامن بنفسه استيفاء لقيمة الدين، فيسقط الدين بذلك.


(١) إن المشهور في فقه الإمامية أن عقد الضمان هو نقل الدين من ذمة إلى أخرى، لا ضم ذمة إلى ذمة.
(٢) مباني العروة الوثقى: كتاب المساقاة، ص ١١٤ – ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>