للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- خيار الرؤية:

وأما خيار الرؤية المسبب عن رؤية المبيع على خلاف ما اشترط فيه المتبايعان فلا يأت في عقود التوريد، وذلك: لأن مورد خيار الرؤية بيع العين الشخصية الغائبة فيما إذا وصفت ثم تبين أنها خلاف تلك الأوصاف فيثبت الخيار، نعم إذا تصورنا التوريد في سلعة شخصية معينة مرئية، ثم وجدها المشتري على خلاف الوصف أو خلاف ما رآها يثبت له خيار الرؤية (١) .

٥- خيار العيب:

وأما خيار العيب فهو لا يأتي أيضًا في عقد التوريد ما دام العقد قد وقع على كلي موصوف في الذمة، فإذا جاءت السلعة المطبق عليها الكلي وهي معيبة فمن حق المشتري أن يرد المبيع بحجة أن الكلي لم يطبق على مصداقه الحقيقي، ويطالب المشتري بالمصداق الحقيقي للكلي، وعلى هذا فلا يحق للمشتري أن يفسخ المعاملة بخيار العيب الموجود في السلعة الموردة، نعم له الحق في ردها والمطالبة بمصداق الكلي الصحيح.

نعم يأتي خيار العيب إذا كانت السلعة المشتراة شخصية خارجية ثم وجد بها المشتري عيبًا كان موجودًا قبل الشراء أو قبل القبض ولم يعلم به.

والخلاصة:

أن خيار الرؤية وخيار العيب لا يأتيان في عقود التوريد إذا كان عقد التوريد على كلي موصوف في الذمة، أما إذا كان عقد التوريد على عين شخصية خارجية فيثبتان.

الضمان في المبيع بالتوريد:

قد يطلب البائع بالتوريد الضمان على وصول ثمن البضاعة وقد يطلب المشتري الضمان على وصول وسلامة البضاعة، وهذا الضمان الذي يطلبه المشتري قد يكون شرطًا جزائيًّا (غرامة) عند عدم القيام بما يجب على المورد من تسليم البضاعة المعقود عليها نهائيًّا أو مخالفة بعض الشروط المشترطة عليه في العقد، وقد يكون شرطًا جزائيًّا عند عدم تسليم البضاعة في التاريخ المعين وتسليمها بعد ذلك التاريخ بشهر أو أكثر، كما يمكن أن يتصور الضمان الذي يطلبه المشتري بصورة ضمان الضرر الذي يحصل عند القيام بما يجب على المورد من تسليم البضاعة نهائيًّا، أو مخالفة بعض الشروط المشترطة عليه في العقد، أو ضمان الضرر الذي يحصل من عدم تسليم البضاعة في موعدها المقرر، فحصل لدينا سبعة صور للضمان نتكلم فيها تباعاً.

الصورة الأولى:

وهي طلب البائع الضمان على وصول ثمن البضاعة، وقد يتمكن البائع أن يطلب من المشتري أن يضمن البنك ثمن البضاعة عند وصولها إلى المشتري وقبضها، وحينئذ يتقدم البنك بضمان الثمن بطلب من المشتري في صورة عدم وجود ثمن البضاعة في البنك، وأما إذا كان ثمن البضاعة موجوداً في حساب المشتري في البنك، فيتمكن البنك أن يخصم منه ثمن البضاعة ويسلمه إلى البائع عند وصول البضاعة إلى المشتري.

الصورة الثانية:

طلب المشتري الضمان بصورة الشرط الجزائي (٢) (الغرامة) عند عدم قيام المورد (البائع) بما يجب عليه من تسليم البضائع نهائيًّا، وهذه الصورة من الضمان صحيحة وذلك: لأنها عبارة عن غرامة يدفعها البائع للمشتري حتى يتمكن من فسخ المعاملة اللازمة حسب الفرض، فقبل دفع هذه الغرامة لا يحق له فسخ المعاملة من دون رضا صاحبه. ومع دفع الغرامة يحق له الفسخ من رضا صاحبه وعلى هذا يجب العمل بالشرط الجزائي وتقديم الغرامة للمشتري عند فسخ المعاملة.


(١) لم نذكر أدلة خيار الرؤية والعيب وفرضناهما ثابتان طلبًا للاختصار.
(٢) ذهب أكثر علماء الشيعة إلى جواز الشرط الجزائي في عقد الإجارة، واستدولا بقاعدة المسلمون عند شروطهم وصحيح الحلبي قال: " كنت قاعدًا عند قاضي من القضاة وعنده أبو جعفر (الإمام الباقر عليه السلام) جالس، فأتاه رجلان فقال أحدهما: إني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعًا إلى بعض المعادن واشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا لأنها سوق أخوف أن يفوتني، فإن احتبست عن ذلك حططت من الكرى لكل يوم احتبسته كذا وكذا، وإنه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوم؟ فقال القاضي: هذا شرط فاسد وفه كراه، فلما قام الرجل أقبل إلى أبو جعفر (الإمام الباقر عليه السلام) فقال: " شرط هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه ". وسائل الشيعة: ج ١٣ باب (١٣) من الإجارة ح ٢. وبما أنه لا فرق بين الإجارة وبقية البيوع خصوصًا إذا جعلنا الدليل قاعدة (المسلمون عند شروطهم) فيكون الشرط الجزائي صحيحًا لم يكن هناك نهى عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>