للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم التأمينات المقدمة في المناقصة:

قد يطلب الداعي إلى المناقصة تأمينات تعادل نسبة من قيمة المعاملة (نقدية أو غير نقدية كضمان من البنك لدفع مبلغ من النقود معين) يستحقها المستفيد (الداعي إلى المناقصة) إذا تخلف العميل عن الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في العقد بين المقاول والمستفيد (١) عدا شرط التسليم في الموعد المقرر فإن هذا سنتكلم فيه في الشرط الجزائي.

أقول: إن هذا الطلب هو شرط في ضمن عقد الإيجار أو البيع، وحينئذ يصح لمن اشترط هذا الشرط أن يمتلك هذه التأمينات النقدية في حالة التخلف استنادًا إلى قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ، وإلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون عند شروطهم)) فتحصل أن العقد والشرط الذي ضمنه يجب الوفاء بهما إذا لم يكن الشرط مخالفًا للقرآن والسنة (وهو المفروض) .

أما التأمينات (إذا كانت غير نقدية) كضمان البنك لنسبة من قيمة العملية عند تخلف المقاول أو البائع عن الالتزام بالشروط المشترطة عليه وتخلف عن دفع النسبة من قيمة العملية، وهذا الضمان عرفي يكون البنك ملزمًا بدفع تلك النسبة عند تخلف المشروط عليه من العمل بتلك الشروط وتخلفه عن دفع تلك النسبة من قيمة العملية.

حكم التأمينات إذا تأخر المقاول أو البائع عن تسليم ما يجب عليه عن الموعد المقرر:

قد يطلب الداعي إلى المناقصة غرامة في صورة التأخر عن تسليم ما يجب على المقاول من أعمال ناجزة في موعدها المقرر أو في صورة تأخر البائع عن تسليم البضاعة في موعدها المقرر فهل تكون هذه الغرامة صحيحة ويستحقها الداعي إلى المناقصة؟

والجواب: إن هذا ما يعبر عنه في الفقه بالشرط الجزائي ونتكلم في صحته تارة في عقد الإجارة وتارة في البيع.

أما في الإجارة: فقد ذكر علماء الإمامية صحة هذا الشرط بشرط أن لا يحط بجميع الكراء، استنادًا إلى قوله عليه السلام: ((المسلمون عند شروطهم)) وقوله عليه السلام في صحيح الحلبي عند اشتراط المستأجر على الأجير أن يوصله إلى السوق في يوم كذا وعند عدم إيصاله يحط من الكراء كل يوم كذا وكذا قال: شرط هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه. (٢)

أما في البيوع: فإن الشرط الجزائي الذي دليله ((المسلمون عند شروطهم)) لا يفرق في صحته بين الإجارة والبيع، فيكون صحيحًا إذا اشترى إنسان دارًا من غيره على أن يسلمها له في مدة معينة واشترط المشتري على البائع غرامة معينة في كل يوم يتأخر عن التسليم، فلو تأخر البائع عن التسليم أيامًا معينة فيستحق عليه المشتري الغرامة وهذا كله صحيح في البيع الشخصي الخارجي.

أما إذا كان المبيع كليًّا موصوفًا في الذمة (أي في ذمة المبيع) كبيع السلم أو التوريد إذا قلنا بصحته، فهنا يكون الشرط الجزائي (الغرامة) في مقابل تأخيره ربًا جاهليًّا وهو محرم فيكون الشرط الجزائي في هذه الصورة مخالفًا للسنة فلا يجوز.


(١) وقد يطلب العميل تأمينات (نقدية أو غير نقدية) إذا شعر بأن الجهة المقابلة قد لا تلتزم بالعقد أو قد لا تؤدي ما عليها من مال في الوقت المحدد.
(٢) تقدمت الرواية في بحث عقود التوريد في هذا البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>