للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الثمن محددا سلفا، عند العقد، فإن المشتري يعرف مسبقا ثمن الشراء، ويحدد تكاليفه وأثمان منتجاته، والبائع يعرف مسبقا ثمن البيع ويحدد إيراداته.

أما إذا كان الثمن حسب السوق، فإن فائدة العقد تقتصر على اطمئنان كل من البائع والمشتري إلى مطلوبه، في الآجال المضروبة.

مقارنة بين التوريد وعقود أخرى قريبة منه:

١- السلم: عقد التوريد يشبه عقد السلم، من حيث إن المبيع في كليهما مؤجل، وموصوف في الذمة، ومن حيث لزومه للمشتري، إذا جاء مطابقا للمواصفات المطلوبة.

٢- الاستصناع: عقد التوريد يشبه عقد الاستصناع، عند الحنفية من حيث إن الثمن في كليهما لا يشترط تعجيله.

عقد التوريد وبيع الغائب على الصفة:

قد يقال هنا: ما الفرق بين بيع الغائب على الصفة، وبيع السلم، وهو بيع صفة؟ البيوع نوعان: بيوع أعيان، وبويع صفات. والأعيان هي التي تباع برؤية العين، والصفات هي التي تباع بوصف اللسان، فبيع الغائب هو من بيوع الأعيان، وبيع السلم هو من بيوع الصفات. قد يقال هنا: إن بيع الغائب يتم على الصفة أيضًا. المقصود هنا هو بيع عين غائبة، يتم بيعها على الصفة، فإذا رآها المشتري كان بالخيار، لأنه اشترى ما لم يره. وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا خيار له، إذا جاءت مطابقة للوصف، كما في السلم. فالسلم يتعلق ببيع سلعة مثلية، لها أمثال في السوق، والغائب يتعلق ببيع سلع معينة، سواء كانت مثلية أو قيمية.

وبيع الغائب لا أرى فيه مشكلة، تستحق الوقوف عندها، إذا كان للمشتري خيار الرؤية. كما لا أرى فيه مشكلة كبيرة، إذا كانت السلعة موافقة للوصف، لأنها عندئذ كالسلم.

كذلك فإن ما يشترطه بعض الفقهاء، في بيع الغائب، من شروط، كأن لا تكون العين بعيدة جدًا فتتغير، أو قريبة جدًا فترى (١) . كل هذا وأمثاله ليست له قيمة، إذا كان المشتري له خيار الرؤية أو خيار الخلف (خيار فوات الوصف) ولم يعجل الثمن، لأن تعجيل الثمن قد يتخذه البائع وسيلة أو ذريعة للحصول على المال، وهو لا يريد البيع، فيحصل على السلف (القرض) ، تحت ستار البيع، فيكون قد أكره الآخر على تسليفه بالحيلة.

وههنا قد يكون عدم تعجيل الثمن ذا فائدة في موضوع التوريد، إذ يترتب عليه تأجيل البدلين، ولكن هذا لا يتم إلا إذا كان بيع الغائب ملزمًا لا خيار فيه، وجاءت السلعة موافقة للوصف.

وهذا ما استأنس به عبد الوهاب أبو سليمان، لإثبات صحة التوريد الذي يتأجل بدلاه (٢) .


(١) الغرر للضرير، ص ٤٠٤، والموسوعة: ٩ / ٢٣.
(٢) عقد التوريد، ص ٢٧ / ٣٩، ٥٠، ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>