للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاز المالكية تأخير رأس مال السلم، لمدة ثلاثة أيام بالشرط، ولمدة أكثر بدون شرط (١) . وأجازوا أيضًا اكتراء الأرض، يقبضها بعد سنة، ويدفع الكراء بعد عشر سنين، " والثمار تكون ببلد، فيشتريها من صاحبها، على أن يأخذها بذلك البلد، والثمن إلى أجل معلوم أبعد من ذلك. قال: قال مالك: فلا بأس بذلك، وليس هذا من وجه الدين بالدين " (٢) .

كما احتج بعض الفقهاء بحديث جابر، على جواز تأجيل البدلين في البيع فعنه: " أنه كان يسير على جمل له، قد أعيي (٣) ، فأراد أن يسيبه (٤) ، قال: ولحقني النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا لي، وضربه، فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: بعنيه، فقلت: لا. ثم قال: بعنيه، فبعته، واستثنيت حملانه (لي) إلى أهلي، فلما بلغت، أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال: أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك، ودراهمك، فهو لك " (٥) .

استفاد منه بعض الشراح أن البيع بالنسيئة جائز، وأن تعجيل القبض ليس شرطًا في صحة البيع، وأن هذا من باب بيع بعير واستثناء ظهره (ركوبه) إلى مكان مسمى أو بيع دار واستثناء سكناها إلى زمان مسمى.

وأجاز ذلك مالك إذا كانت مسافة السفر قريبة، وحدها بثلاثة أيام، وربما أجاز مالك تأجيل رأس مال السلم، ثلاثة أيام، بالاعتماد أيضًا على حديث جابر.

لكن المبيع هنا عين (حيوان) قابلة للتغير والهلاك، فربما لو كانت شيئًا موصوفًا في الذمة لجاز التأجيل أكثر من ذلك، والله أعلم.


(١) السلم والمضاربة، ص ٧٩ – ٨٠.
(٢) المدونة: ٣ / ٤٧٠؛ والجامع في أصول الربا، ص ٣٤٥.
(٣) أعيي: تعب وعجز.
(٤) يسيبه: يتركه.
(٥) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>