للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين الجصاص أن من أبواب الربا: الدين بالدين، وأن الأجل غير جائز أن يكون في البدلين جميعًا (١) .

وأدخل الشافعية في ربا النساء (ربا اليد) لا تأخير أحد البدلين فحسب، بل كليهما أيضًا، ففي حاشية الشرقاوي: " ربا اليد هو البيع مع تأخير قبضهما (أي قبض العوضين أو قبض أحدهما) " (٢) .

غير أن البدلين إذا تم تقابضهما في أجل واحد، فلا يكون ثمة ربا نساء، وربا النساء يكون في تعجيل أحدهما، وتأجيل الآخر، أو تأجيلهما إلى أجلين مختلفين. وهذه الحرمة مخصوصة بالأموال والمبادلات الربوية، حيث يكون البدلان متجانسين، أو متقاربين. أما إذا كان البدلان مختلفين، فلا تنطبق هذه الحرمة عليهما.

إن حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ حديث ضعيف السند، لم يثبت، وأجمع الفقهاء على لفظه، ولكن إجماعهم لم يقع على معناه، فبعضهم (٣) يقول: إن البيع الذي يتأجل بدلاه هو المجمع على تحريمه، وآخرون (٤) يقولون: إن المجمع على تحريمه هو البيع المؤجل (سلمًا أو نسيئة) ، يزاد في أجله لقاء زيادة، وهكذا.

فمعلوم أن الذهب بالذهب لا يجوز فيه النساء، ومعنى النساء هنا هو تأخير أحد البدلين عن الآخر، وكذلك الذهب بالفضة لا يجوز فيه النساء. أما الذهب بالقمح فيجوز فيه النساء.

ولم يشترط الحنفية في الاستصناع تعجيل الثمن، بل يجوز عندهم تأخيره.

وذكر بعض الفقهاء (٥) أن عقد السلم إذا انعقد بلفظ السلم، أو السلف، وجب تعجيل رأس المال فيه في المجلس، ولكن إذا انعقد بلفظ البيع لا يشترط فيه تعجيل رأس المال.


(١) تفسير الجصاص: ١ / ٤٨٣.
(٢) حاشية الشرقاوي: ٢ / ٣٠؛ وانظر تكملة المجموع للسبكي: ١٠ / ٢٥.
(٣) كالجصاص، وابن رشد، وابن تيمية،.
(٤) كالسبكي.
(٥) المهذب: ١ / ٣٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>