للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو من بحث الشيخ الجواهري أنه يجوز مصادرة هذا الضمان لأسباب مختلفة ربما يشرحها عند المناقشة. ولكن يظهر لي أن ما يعمل به عمومًا من مصادرة هذا المبلغ إذا سحب العارض عرضه قبل موعد إرساء العطاء غير مقبول من الناحية الشرعية إطلاقًا، وهو من قبيل أكل أموال الناس بالباطل لأننا حققنا فيما سبق أن التقدم بالعرض إيجاب من قبل العارض ويحق شرعًا لكل من يتقدم بالإيجاب أن يرجع عن إيجابه قبل قبول الآخر، فلا وجه لمصادرة ما تقدم به من الضمان الابتدائي.

وقد يستشكل هذا بأنه لا تظهر هناك فائدة لهذا الضمان إذا وجب رد مبلغه إلى العارض في جميع الحالات. والجواب عن هذا الإشكال أن هذا المبلغ ليس إلا للتأكد من جدية صاحب العرض وليس ضمانًا في مفهومه الفقهي، فإن الضمان إنما تسبقه مديونية، وإن مجرد التقدم بالعرض لا ينشئ دينًا على صاحب العرض ولا شك أن من يتقدم بهذا المبلغ عند تقديم عرضه فإنه ينبئ عن جديته في الاشتراك، لأنه لا يتنازل أحد عن سيولته ولو لمدة قصيرة، إلا من يريد أن يدخل في العقد حقيقة، وهذه الفائدة حاصلة.

أما الضمان النهائي فإنه يطالب به من يفوز بالصفقة من بين العارضين وإنما يطالب به لتوثيق أن الفائز بالصفقة يلتزم بمسؤولياته التعاقدية. وقد يزعم بعض الناس أنه من قبيل العربون، وليس الأمر كذلك، لأن العربون الذي أجازه الحنابلة إنما يقدمه المشتري، وصاحب العرض في المناقصات هو البائع إذا كان موضوع المناقصات توريدًا أو استصناعًا، والمؤجر إن كانت المناقصة موضوعها تقديم بعض الخدمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>