للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواقع أنه لا يوجد هناك نظير في الفقه الإسلامي بمطالبة شيء من البائع والمؤجر إلا مطالبة الرهن من المسلم إليه الذي جوزه بعض الفقهاء ومنعه آخرون. ولكن ذلك إنما يمكن إذا كان البيع باتًا كما في السلم أو الاستصناع، أما في عقود التوريد فلا. وغاية ما يمكن أن يبرر به هذا الضمان هو على أساس ضمان الجدية، فينطبق عليه كل ما ذكرنا في الضمان الابتدائي من أنه أمانة ابتداء، وإن خلط بمال آخر، فإنه مضمون على صاحب المناقصة. وإن وقع استثماره فإنه يرجع ربحه إلى المتقدم به، ويجب رده مع ربحه – إذا كان مستثمرًا في جهة مقبولة شرعًا – إلى صاحبه عند تمام تنفيذ العقد، ولا يجوز مصادرته إلا إذا تخلف صاحبه عن أداء واجبه، وحصل بالتخلف ضرر مالي لأصحاب المناقصة فعلًا، فيمكن أن تقع المقاصة بين هذا المبلغ وبين ما يجب على المتعاقد من تعويض مالي، وقد صدر قرار من مجمعنا الموقر بشأن الضمان في بيوع المزايدة، ونصه: " طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة جائز شرعًا، ويجب أن يرد لكل مشارك لم يرس عليه العطاء، ويحتسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز بالصفقة ".

وبما أن هذا القرار كان موضوعه المزايدة ويطلب فيه الضمان من المشتري فيمكن تخريجه على أساس العربون، ولكن ليس الأمر كذلك في المناقصات التي يطلب فيها الضمان من البائع أو المقاول، فلابد من رد هذا المبلغ بعد تنفيذ العقد مع سائر واجبات المتعاقد الأخرى ولا يصادر هذا المبلغ إلا في الصورة التي ذكرناها من تخلف المتعاقد.

والمسالة السابعة: هي مماطلة المشتري في تحديد الثمن. وهذا موضوع صدر في قرار من المجمع بتحريم الغرامة المالية في مقابل التأخير. وقد اتفق الدكتور رفيق والشيخ الجواهري على حرمة ذلك. وجاء الدكتور رفيق ببدائل لهذه الغرامات منها: حلول الأقساط، ومنها إدراج اسم المماطل في قائمة سوداء وتحميل المماطل هبوط القوة الشرائية للنقود، وهذا موضوع ربما يبحث في موضوع (تغير قيمة العملة) . وذكر الشيخ الجواهري أن بديله هو فتح الاعتماد المستندي من قبل المشتري لدى البنك.

المسألة الثامنة وهي الأخيرة، أن الدكتور رفيق والشيخ الجواهري متفقان على أنه يجوز قصر المناقصة على المرخص لهم حكوميًّا بالدخول في مناقصات التوريد والأعمال، لأن الجهة الداعية للمناقصة مختارة في التعامل مع من تريد، ولكن اشترط الدكتور رفيق لجواز ذلك أن يكون مبنيًّا على غرض صحيح مثل رفع كفاءة عمليات التوريد والمقاولة، أما إذا كان مبنيًا على المحاباة وإيثار بعض الجهات على الآخرين تعسفًا واستبدادًا فإن ذلك لا يجوز.

وهذه خلاصة ما وصلت إليه من دراسة هذه الأبحاث المعروضة في موضوع المناقصة وشكرًا لكم، والله سبحانه وتعالى أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>