بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
أول ما أريد أن أنوه به أن هذه الأبحاث تمثل غرضًا أساسيًّا من أغراض المجمع، فالعقود المستجدة هي أحوج ما يكون في أن تدرس في هذه اللقاءات الجماعية لأنها تنشط الاجتهاد الجزئي أو ما يسمى اجتهاد المسألة، وتحرك الأذهان للتخريج واستخلاص التكييفات الشرعية من النصوص أو القواعد الفقهية أو العقود.
والأمر الثاني: أن هذه المداخلات يحصل فيه تكرار، والذي سألتزم به أنه ما سبق سوف أقتصر على تأكيده وأركز على الجديد مما لم يقع تناوله ولا سيما حينما يتأخر من يتدخل.
عقد التوريد هو عقد فعلًا، وهو عقد مستجد، ولكن لا مانع بل من المطلوب أن يستأنس في تأصيل هذه العقود المستجدة ببعض القواعد أو بعض المقررات الشرعية السابقة المسلمة. فالإشارة إلى مبدأ المواعدة الملزمة إنما هي للاستئناس وليس للتأصيل المباشر. كذلك يستأنس ببيع الاستجرار الذي نوه به الباحثون الآن وسبق إلى ذكره المرحوم العلامة الزرقا – رحمه الله – في كتبه. وأريد هنا أن أبين أن طبيعة اللزوم في العقود التي لا ينفك عنها عقد التوريد ليست نمطًا واحدًا، فالإلزام تختلف أسبابه، فقد ينشأ عن العقد وقد ينشأ عن الوعد. كما أنه تختلف آثاره أو درجاته فأحيانًا يكون إلزامًا بالمعقود عليه وهو الالتزام العيني، وأحيانًا يكون التزامًا بما ينوب عنه وهو ما يسمى بالالتزام التعويضي أو دفع الضرر إذا لم ينفذ العقد.
أيضًا هناك فرق بين عقد التوريد الذي لا يخفى أنه عقد على دين بدين، هناك فرق بينه وبين عقود المستقبليات التي انتهى المجمع إلى منعها، فعقود المستقبليات التي يتأجل فيها البدلان تعاقد متردد بين الحصول على المعقود عليه أو الحصول على النقود والتي هي فرق السعر في الإقدام على العقد أو الإحجام عنه. أما عقد التوريد وعقود المناقصات فإن التعاقد يستهدف منه الحصول على المعقود عليه ولكن لا يمنع ذلك من أن يصار إلى التعويض عن الضرر إذا وقع إخلال بهذا الأثر العقدي المستهدف من عقود التوريد وعقود المناقصات.