للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم الحسي والحدسي:

ومن الضروري التركيز على أن العلم الناشيء عن القرائن قد يكون حسيا أو قريبا من الحس، بمعنى أن القرائن والأمارات تكون محسوسة أو قريبة من الحس. وقد يكون حدسيا غير مستند إلى الحس. والمتيقن من أدلة حجية علم القاضي هو العلم الحسي أو القريب من الحس، فإن حجيته مرتكزة عند العقلاء، أما العلم الحدسي فلا ارتكاز لحجيته، إذ من المعقول عند العرف والعقلاء افتراض عدم السماح للقاضي بالقضاء، لأنه يكثر فيه الخطأ (١) .

القيافة:

ومن هنا نقول أن لا اعتبار بالقيافة وقول القائف (والقائف هو الذي يعرف الآثار ويلحق الولد بالوالد والأخ بأخيه، من قولهم قفت أثره، إذا تبعته) (٢) ، لأنه لا يؤدي- على أفضل التقادير- إلا إلى علم حدسي للقاضي.

قال صاحب الجواهر في الاختلاف في الولد: ولا عبرة بالقيافة في مذهبنا. عن أمير المؤمنين عليه السلام لا يؤخذ بقول عراف وقائف: بل عنه عليه السلام أيضا أنه لم يكن يقبل شهادة أحد منهما، وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام من سمع قول قائف أو كاهن أو ساحر فصدقه أكبه الله على منخريه في النار.

وما في بعض النصوص من الدلالة على قبولهم عليهم السلام قول القائف محمول على خصوص الواقعة التي طابق فيه قوله الواقع، ومنه خبر المدلجي الذي بشر النبي صلى الله عليه وسلم أن أقدام أسامة وزيد بعضها من بعض، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن في شك من ذلك، وإنما سر بذلك لطعن المنافقين بينهما إغاظة لهم، وكان اعتمادهم على قول القائف (٣) .

والحكم في الاختلاف في الولد هو القرعة بين الواطيين كما حكم بذلك أمير المؤمنين عليه السلام في حديث أخرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم في صحيحه، وقال ابن حزم: هذا خبر مستقيم السند نقلته كلهم ثقات (٤) .


(١) السيد كاظم الحائري، القضاء، ص٢٤١.
(٢) مجمع البحرين: قوف.
(٣) الجواهر: (٤٠/٥١٦) .
(٤) ابن القيم، الطرق الحكمية، ص٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>