للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- القرائن الحالية (ظاهر الحال) :

ويمكن عد القرائن الحالية أو ظاهر الحال من القرائن القانونية، لأنها قرائن منصوص عليها في الكتب الفقهية، وهي التي تستفاد من ظاهر حال الإنسان بصفته المعينة، ولها مصاديق متنوعة وكثيرة.

• يقول الشهيد الأول: يجوز الاعتماد على القرائن في مواضع ... ومعظم هذه المواضع فيها ظن غالب لا غير، كالقبول من المميز في الهدية، وفتح الباب (في الإذن بالدخول) وجواز أكل الضيف بتقديم الطعام من غير إذن ... والشهادة بالإعسار عند صبره على الجوع، والعري في الخلوة وشبهه (١) .

وذكر في مورد آخر أن من جملة الأسباب الفعلية لجواز التصرف هي:

تقديم الطعام إلى الضيف فإنه مغن عن الإذن على الأصح، وتسليم الهدية إلى المهدي إليه (٢) .

فإن كل هذه المواد هي قرائن وظهورات حالية تدل على ثبوت أمر آخر كإباحة الأكل أو جواز التصرف والدخول.

• وقال أيضا في تعارض الأصل والظاهر: لو تنازع الراكب والمالك في الإجارة والعارية مدة لمثلها أجرة، ففيه الوجهان، وترجيح قول المالك أولى، لأن الظاهر يقتضي الاعتماد على قوله في الإذن فكذا في صفته (٣) .

أي أن ظاهر الحال يقتضي أن يعتمد على قول المالك في أصل الإذن في التصرف في ملكه فكذا يجب الاعتماد على قوله في خصوصية الإذن من أنه أذن مجانا أو بعوض.

ويمكن أن يقال إن الظهورات الحالية العامة هي من القرائن القانونية، وأما الظهورات الحالية الخاصة بكل دعوى من الدعاوي والتي يستند إليها القاضي في حكمه فهي القرائن القضائية، فتصرف المدين في نقل أمواله إلى قريبه، قد يكون قرينة حالية للطعن في تصرفه، لكنها قرينة حالية خاصة بالموضوع. وأما فتح الباب فهو قرينة حالية عامة في الإذن (٤) .


(١) المصدر السابق: (١/٢٢٢) .
(٢) القواعد والفوائد: (١/١٧٨) .
(٣) المصدر السابق، ص١٣٨.
(٤) في الحقيقة إن هذا الموضوع يشير إلى قضية عامة وهي أن القرائن القانونية ترجع في أصلها ونشرها إلى القرائن القضائية، فالقرينة القانونية ليست في الأصل إلا قرينة قضائية تواترت واطرد وقوعها، فاستقر عليها القضاء، ومن ثم لم تصبح هذه القرينة متغيرة الدلالة من قضية أخرى، فرأى المشرع في اطرادها واستقرارها ما يجعلها جديرة بأن ينص على توحيد دلالتها فتصبح بذلك قرينة قانونية، الوسيط: (٢/٣٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>