والاستناد إلى الغالب الراجح، هو ضرب من الاعتماد على القرائن، وهو لخطورته وخطورة آثاره، أحاطه الفقه الإسلامي بالضوابط التي تكفل له أن يعطي الثمار المطلوبة، فالقاضي وإن كان حرا في التقاط الأمارة من أي مصدر يراه، إلا أنه ملزم بأن يتحقق من ثبوت هذه الأمارة ومن صحتها، إذ هي مبنى الدليل، وهو لا يبنى على غير ما هو ثابت يقينا وصحيح قطعا، ثم إن عليه في استنباط ما تدل عليه الواقعة الملتقطة، أن يعمل فكره، وتجاربه القضائية وإن يخضع استنتاجاته للعقل والمنطق، حتى لا يخلص إلى دلالة موهومة، أو ضعيفة أو مناقضة لغيرها، وهي أمور تتطلب خبرة ورؤية لا مناص منها في القرائن القضائية، أما في القرائن الشرعية، فإن الشارع الحكيم يسر الأمر على القاضي حين أرشده عن القرينة التي تدل عليها الأمارة، وأعفى الخصم من إثبات ذلك، وإثبات القوة التي تعطيها هذه القرينة، وإن لم يعفه من إثبات الأمارة ذاتها، التي اعتبر الشارع أن إثباتها هو للواقعة الأصلية.