للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تخلص مما تقدم جميعه إلى اقتراح التوصيات التالية:

أولا: إن الفقه الإسلامي لا يأبى على المدعي أن يقدم- إثباتا لدعواه- أي دليل يثبت الحق أو يظهره، دون أن يحصره في دليل بذاته أو في طريق بعينه، إلا في حدود ما أوجبه الشارع الحكيم بالنسبة لبعض الواقعات.

ثانيا: إن الأحكام القضائية يجب أن تبنى على القطع، وأن تكون في نطاق ما فرضه الفقه الإسلامي من قواعد تتصل بالمشروعية وترعى حقوق المتقاضين، وتوفر لهم ضماناتهم.

ثالثا: إن على القاضي حين يستند إلى قرينة قضائية أن يتحقق من ثبوت الأمارة التي ترشد إليها، وصحتها، وقوة دلالتها، وله الاستعانة في هذا الشأن- بالغالب الراجح من الأمور بشرط أن يكون من حق من تشهد ضده القرينة أن يثبت عكسها في الواقعة المعروضة.

فإذا كان الإثبات جنائيا بالإدانة، فيجب أن يبرأ من أي شك، وأن يدرأ بالشبه، ولو أدى ذلك إلى إفلات المجرم الذي لا يقوم عليه الدليل القاطع، إذ الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة.

رابعا: إن القرائن الشرعية التي ينص عليه الشارع الحكيم أو يستخلصها الفقه الإسلامي، تعفي من تشهد لمصلحته من إثبات الواقعة المراد- بحسب الأصل- إثباتها، غير أنه مع ذلك يجوز دحضها بالإقرار أو اليمين، كما يجوز إثبات العكس بأي طريق، إلا إذا منع المشرع من ذلك منعا مطلقا، أو حدد طريقا معينا لإثباته.

خامسا: إن الاستفادة من القرائن في الإثبات القضائي تتطلب مواكبة لتطورات العلم ومنجزاته المتلاحقة، على أن يراعى: في هذا الشأن ما قرره المجمع في مؤتمره العاشر من تأصيل التعامل مع المستجدات العلمية بنظرة إسلامية، وتجنيب توظيفها بما يناقض الإسلام.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>