للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن عابدين: "ثم اعلم أنه تعدد في زماننا ورود الأمر السلطاني بتغيير سعر بعض من النقود الرائجة بالنقص، واختلف الإفتاء فيه. والذي استقر عليه الحال الآن دفع النوع الذي وقع عليه العقد لو كان معينًا، كما إذا اشترى سلعة بمائة ريال أفرنجي أو مائة ذهب عتيق" (١) .

٤- ولو أبطلت السلطة المصدرة لهذه العملة التعامل بها، فإنه لا يلزم المدين سواها وفاء بالعقد، إذ هي المعقود عليها دون غيرها. وعلى ذلك نص الإمام الشافعي والمالكية في المشهور عندهم (٢) .

قال الشافعي في "الأم": "ومن سلف فلوسًا أو دراهم أو باع بها، ثم أبطلها السلطان، فليس له إلا مثل فلوسه أو دراهمه التي سلف أو باع بها" (٣) .

وجاء في نوازل ابن رشد ما نصه: "وسئل رضي الله عنه عن الدنانير والدراهم إذا قطعت السكة فيها وأبدلت بسكة غيرها، ما الواجب في الديون والمعاملات المتقدمة وأشباه ذلك؟

فقال: المنصوص لأصحابنا وغيرهم من أهل العلم رحمهم الله، أنه لا يجب عليه إلا ما وقعت به المعاملة.

فقال له السائل: فإن بعض الفقهاء يقول: أنه لا يجب عليه إلا السكة المتأخرة؛ لأن السلطان قد قطع تلك السكة وأبطلها، فصارت كلا شيء.

فقال: لا يلتفت إلى هذا القول، فليس بقول لأحد من أهل العلم. وهذا نقض لأحكام الإسلام، ومخالفة لكتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام في النهي عن أكل المال بالباطل" (٤) .

ثم قال: "ويلزم هذا القائل أن يقول: "إن السلطان إذا أبدل المكاييل بأصغر أو أكبر، أو الموازين بأنقص أو أوفى، وقد وقعت المعاملة بينهما بالمكيال الأول أو الميزان الأول أنه ليس للمبتاع إلا بالكيل الأخير، وإن كان أصغر. وأن على البائع الدفع بالثاني أيضًا وإن كان أكبر. وهذا مما لا خفاء في بطلانه. وبالله التوفيق (٥) .

٥- وقال بعض المالكية: إذا أبطلت تلك العملة واستبدلت بغيرها. فيرجع إلى قيمة العملة الملغاة من الذهب، ويأخذ صاحب الدين القيمة ذهبًا (٦) .

٦- أما إذا عدمت تلك العملة أو انقطعت أو فقدت في بلد المتعاقدين، فتجب عندئذ قيمتها.


(١) تنبيه الرقود: ٢/٦٦.
(٢) حاشية الرهوني: ٥/١١٨، ١١٩، ومنح الجليل: ٢/٥٣٤، حاشية المدني على كنون: ٥/١١٨.
(٣) الأم: ٣/٣٣.
(٤) حاشية الرهوني: ٥/١١٩.
(٥) حاشية الرهوني: ٥/١١٩.
(٦) حاشية الرهوني: ٥/١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>