للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها أيضًا: "ولو استقرض فلوسًا نافقة وقبضها فكسدت، فعليه رد مثل ما قبض من الفلوس عددًا في قول أبي حنيفة" (١) .

١٢- والقول الثاني: لأبي يوسف (٢) والحنابلة على الراجح (٣) عندهم والمالكية في غير المشهور (٤) ، وهو أنه لا يجزئ رد المثل بعد ما كسد، ويجب على المدين رد قيمة النقد الذي وقع عليه العقد – يوم التعامل – من نقد آخر (٥) .

وبهذا الرأي أخذت المادة (٨٠٥) من مرشد الحيران، حيث جاء فيها: "إذا استقرض مقدارًا معينًا من الفلوس الرائجة والنقود غالبة الغش (٦) فكسدت وبطل التعامل بها، فعليه رد قيمتها يوم قبضها لا يوم ردها".

واستدلوا على ذلك:

أولاً: بأن إيقاف التعامل بها من قبل الجهة المصدرة لها منع لنفاقها وإبطال لماليتها، إذ هي أثمان بالاصطلاح لا بالخلقة، فصار ذلك إتلافًا لها، فيجب بدلها، وهو القيمة بناء على قاعدة الجوابر.

ثانيًا: ولأن الدائن قد دفع شيئًا منتفعًا به لأخذ عوض منتفع به، فلا يظلم بإعطائه ما لا ينتفع به.

١٣- وإنما اعتبرت القيمة يوم التعامل؛ لأنه وقت الوجوب في الذمة.

يقول ابن قدامة في "المغني": "وان كان القرض فلوسًا أو مكسرة، فحرمها السلطان، وتركت المعاملة بها، كان للمقرض قيمتها، ولم يلزمه قبولها، سواء كانت قائمة في يده أو استهلكها؛ لأنها تعيبت في ملكه، نص عليه أحمد في الدراهم المكسرة، وقال: يقوّمها كم تساوي يوم أخذها ثم يعطيه، وسواء نقصت قيمتها قليلاً أو كثيرًا" (٧) .

١٤- وذهب فريق آخر من المالكية – في ثمن المبيع – أنه تجب قيمة السلعة يوم قبضها من النقد الرائج (٨) .


(١) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٤٥
(٢) تبيين الحقائق: ٤/١٤٢، الفتاوي الهندية: ٣/٢٢٥، درر الحكام: ٣/٩٤.
(٣) كشاف القناع: ٣/٣٠١، شرح منتهى الإرادات: ٢/٢٢٦، الشرح الكبير على المقنع: ٤/٣٥٨.
(٤) حاشية الرهوني: ٥/١٢٠، حاشية المدني: ٥/١١٨.
(٥) وقد حكى صاحب "الذخيرة البرهانية" أن هذا القول هو المفتى به في مذهب الحنفية؛ وذلك لأنه أيسر، حيث إن القيمة يوم التعامل تكون معلومة، بخلاف يوم الكساد فإنها لا تعرف فيه إلا بحرج. (انظر الفتاوي الهندية: ٣/٢٢٥، تبيين الحقائق: ٤/١٤٤، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: ٤/١٣٢، تنبيه الرقود: ٢/٥٩.
(٦) المراد بالنقود غالبة الغش: العملة التي يكون غالبها من معدن غير الذهب والفضة.
(٧) المغني: ٤/٣٦٥.
(٨) حاشية المدني: ٥/١١٨، حاشية الرهوني: ٥/١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>