للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يوسف: "يجب عليه قيمة النقد الذي وقع عليه العقد من النقد الآخر يوم التعامل" وقال محمد: "يجب آخر ما انقطع من أيدي الناس" (١) .

١٦- والقول الرابع: للشافعية (٢) والمالكية على المشهور (٣) ، وهو أن النقد إذا كسد بعد ثبوته في الذمة وقبل أدائه، فليس للدائن سواه، ويعتبر هذا الكساد كجائحة نزلت بالدائن، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الدين قرضًا أو ثمن مبيع أو غير ذلك.

جاء في "نهاية المحتاج" للرملي: "ولو أبطل السلطان ما باع به أو أقرضه لم يكن له غيره بحال" (٤) .

وجاء فيها أيضًا: "ويرد المثل في المثلي؛ لأنه أقرب إلى حقه، ولو في نقد بطلب المعاملة به، فشمل ذلك ما عمت به البلوى في زماننا في الديار المصرية من إقراض الفلوس الجدد، ثم إبطالها وإخراج غيرها، وإن لم تكن نقدًا" (٥) .

وقال النووي في "المجموع": "إذا باع بنقد معين، أو بنقد مطلق، وحملناه على نقد البلد فأبطل السلطان المعاملة به قبل القبض، قال أصحابنا: لا ينفسخ العقد، ولا خيار للبائع، وليس له إلا ذلك النقد المعقود عليه، كما لو اشترى حنطة فرخصت قبل القبض، أو أسلم فيها فرخصت قبل المحل، فليس له غيرها. هكذا قطع به الجمهور.

وحكى البغوي والرافعي وجها أن البائع مخير: إن شاء أجاز البيع بذلك النقد، وإن شاء فسخه، كما لو تعيب قبل القبض، والمذهب الأول.

قال المتولي وغيره: ولو جاء المشتري بالنقد الذي أحدثه السلطان، لم يلزم البائع قبوله فإن تراضيا به، فهو اعتياض، وحكمه حكم الاعتياض عن الثمن.

دليلنا عليه في الأول: أنه غير الذي التزمه المشتري، فلم يجب قبوله، كما لو اشترى بدراهم، وأحضر دنانير.

ودليلنا في الثاني: أن المعقود عليه باق، مقدور على تسليمه، فلم ينفسخ العقد فيه، كما لو اشترى شيئًا في حال الغلاء فرخصت الأسعار" (٦) .


(١) تنبيه الرقود لابن عابدين: ٢/٥٨.
(٢) تحفة المحتاج وحاشية الشرواني عليه: ٤/٢٥٨، ٥/٤٤، أسنى المطالب: ٢/١٤٣، قطع المجادلة عند تغيير المعاملة: ١/٩٧ وما بعدها، المجموع شرح المهذب: ٩/٣٣١، الأم: ٣/٣٣.
(٣) الخرشي على مختصر خليل: ٥/٥٥، الزرقاني على خليل: ٥/٦٠، حاشية الرهوني: ٥/١٢٠، ١٢١.
(٤) نهاية المحتاج: ٣/٣٩٩.
(٥) نهاية المحتاج: ٤/٢٢٣.
(٦) المجموع شرح المهذب: ٩/٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>