للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في "منح الجليل" لعليش: "ومن ابتاع بنقد أو اقترضه، ثم بطل التعامل به، لم يكن عليه غيره أن وجد، ومن اقترض دنانير أو دراهم أو فلوسًا أو باع بها وهي سكة معروفة، ثم غير السلطان السكة وأبدلها بغيرها، فإنما عليه مثل السكة التي قبضها ولزمته يوم العقد.

وفيها (أي المدونة) : ومن أسلفته فلوسًا، فأخذت بها رهنا، فكسدت الفلوس، فليس لك عليه إلا مثل فلوسك، ويأخذ رهنه. وإن بعته سلعة بفلوس إلى أجل، فإنما لك مثل هذه الفلوس يوم البيع، ولا يلتف لكسادها، (١) .

الحالة الثانية

الكساد المحلي للنقد

١٧- وذلك بأن يكسد النقد في بعض البلاد لا في جميعها. ومثله في عصرنا الحاضر العملات التي تصدرها بعض الدول وتمنع تداولها في خارج حدود أراضيها.

١٨- ففي هذه الحالة إذا اشترى شخص بنقد نافق ثم كسد في البلد الذي وقع فيه البيع قبل الأداء، فإن البيع لا يفسد، ويكون البائع بالخيار بين أن يطالبه بالنقد الذي وقع به البيع، وبين أخذ قيمة ذلك النقد من عمله رائجة. وهذا هو القول المعتمد في مذهب الحنفية (٢) .

جاء في "عيون المسائل" (٣) : "وعدم الرواج إنما يوجب الفساد إذا كان لا يروج في جميع البلدان (٤) ؛ لأنه حينئذ يصير هالكًا، ويبقي المبيع بلا ثمن. فأما إذا كان لا يروج في هذه البلدة فقط، ويروج في غيرها فلا يفسد البيع؛ لأنه لم يهلك، ولكنه تعيب، فكان للبائع الخيار: إن شاء قال: أعطني مثل النقد الذي وقع عليه البيع، وإن شاء أخذ قيمة ذلك دنانير" (٥) .

وقال ابن عابدين: "وان كانت تروج في بعض البلاد لا يبطل، ولكنه يتعيب إذا لم يرج في بلدهم، فيتخير البائع: إن شاء أخذه، وإن شاء أخذ قيمته" (٦) .

١٩- وحكى عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إذا كسد النقد في بلدة واحدة فيجري عليه فيها حكم الكساد العام في سائر البلاد اعتبارًا لاصطلاح أهل تلك البلدة (٧) .


(١) منح الجليل: ٢/٥٣٤.
(٢) تبيين الحقائق للزيلعي: ٤/١٤٣.
(٣) حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: ٤/١٤٣، تنبيه الرقود لابن عابدين: ٢/٥٩.
(٤) أي على رأي الإمام أبي حنيفة.
(٥) المراد بها الدنانير الذهبية.
(٦) تنبيه الرقود: ٢/٦٠.
(٧) حاشية الشلبي على تبيين الحقائق: ٤/١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>