للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا بعض الأمثلة التي وردت في السنة:

- قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) (١)

فقد جعل صلى الله عليه وسلم الفراش قرينة لإثبات نسب الولد من الزوج صاحب الفراش، فإذا أنجبت المرأة المتزوجة يكون الولد لزوجها، أما التي لا زوج لها فيكون مصيرها إقامة الحد عليها، لأن عدم وجود زوج لها قرينة على زناها لأن الحمل لابد له من رجل في حياتها، إلا إذا ادعت الإكراه أو غيره.

- قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن..)) قالوا: وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)) (٢)

فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل السكوت من جانب البكر دليلا على رضاها، واعتمد على قرينة السكوت في الرضا.

ثالثا – قرائن منصوص عليها في كتب الفقه:

من اجتهاد الفقهاء (القرائن الفقهية) أن الفقهاء رضوان الله عليهم قد استخرجوا بعض القرائن نتيجة اجتهادهم، وسجلت في كتب الفقه والمؤلفات الخاصة بوسائل الإثبات.

ومن أمثلتها (٣) :

- إبطال بيع المريض مرض الموت لوارثه إلا إذا أجازه بقية الورثة، لأن هذا التصرف قرين على الإضرار ببقية الورثة، وإلحاق الخير بالمشتري، لأنه خصه بشيء وقد يكون حاباه في الثمن فأضر بقية الورثة.

- قبول قول الصبيان في الهدايا التي يرسلها بعض الناس معهم.

رابعا- القرائن القضائية:

وهي التي يستنبطها القاضي بحكم ممارسته القضاء ومعرفته لأحكام الشريعة الغراء.

وهذا النوع من القرائن لا يسير على منهج واحد، ولكنه يختلف من قاض لآخر نتيجة قدرة القاضي على الاستنباط، واختلاف القضايا وظروفها وملابستها.

مثال هذا النوع ما أخرجه البخاري (٤) ومسلم (٥) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكما إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا، يرحمك الله هو ابنها، فقضى به للصغرى)) .


(١) رواه البخاري: انظر فتح الباري: ١٢/٢٥؛ والترمذي وأبو داود والنسائي، التاج الجامع للأصول للشيخ منصور علي ناصف:٢/٢٦٦.
(٢) رواه البخاري ومسلم.
(٣) راجع الطرق الحكمية للشيخ ابن القيم، ص١٩ وما بعدها حيث ذكر كثيرا من القرائن الفقهية.
(٤) البخاري مع فتح الباري: (١٢/٥) .
(٥) صحيح مسلم بشرح النووي: (١٢/٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>