للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- أقسام القرينة باعتبار قوة دلالتها:

النوع الأول- قرائن ذات دلالة قوية: (القرائن القطعية) :

والمقصود بها القرائن الواضحة التي تجعل الأمر في حيز المقطوع به.

ونصت المادة (١٧٤١) من مجلة الأحكام أن (القرينة القاطعة هي الأمارة البالغة حد اليقين، أي التي لا تحمل الشك بل يقطع بها) (١) .

مثال ذلك:

إذا خرج أحد من دار خالية خائفا مدهوشا، وفي يده سكين ملوثة بالدم، فدخل في الدار ورؤي فيها شخص مذبوح في ذلك الوقت، فإنه يشتبه في كونه قاتل ذلك الشخص، ولا يلتفت إلى الاحتمالات الوهمية الصرفة كأن يكن الشخص المذكور ربما قتل نفسه أو قتله آخر وهرب، لأن وجود السكين بيده، ويداه ملطختان بالدم قرينة قوية على أنه هو القاتل، فكل ذلك قرائن تؤيد ارتكابه لجريمة القتل.

النوع الثاني- قرائن ذات دلالات ضعيفة:

والمقصود هو ما يحتمل الشيء وغيره احتمالا ليس ببعيد ويختص بترجيح إحدى اليدين المتنازعتين، فالقرينة تحتمل شيئين لا مرجح لأحدهما على الآخر.

ففي تلك الحالة تكون دلالة القرينة ضعيفة مشكوك فيها.

مثال ذلك:

أن يقع نزاع بين الزوجين على متاع البيت، فيقضى فيه للرجل بما يناسب الرجال وللمرأة بما يناسب النساء (٢) مع العلم أنه قد يكون كله ملكا للزوج أو للزوجة، ولكن لما انعدم الدليل عملنا بالقرينة الضعيفة، فما يحتمل أنه للرجل ألحقناه به، وما يحتمل أنه للمرأة ألحقناه بها.

النوع الثالث- قرائن ذات دلالة ملغاة:

وهي أن تتعارض قرينتان وتكون إحداهما أقوى من الأخرى، وبالتالي تكون القرينة المرجوحة منهما ملغاة لا يعتد بها ولا يلتفت إليها.

كأن يتنازع مالك الدار مع خياط يعمل في داره على آلة خياطة فإنه يحكم بها للخياط. ولا يلتفت إلى المالك، لأن قرينة اليد عورضت بقرينة أقوى وهي أن هذه الأشياء غالبا تكون مملوكة للخياط، فألغينا القرينة الضعيفة وهي قرينة اليد وطرحناها ولم نعمل بها.


(١) انظر درر الحكام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر: ١٢، ١٦/٤٣١، دار الكتب العلمية.
(٢) كتاب القناع، للبهوتي: ٦/٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>