إن المطلع والباحث في كتب فقه المذاهب الأربعة يتضح له بكل جلاء ووضوح أن الفقهاء رضوان الله عليهم لم يذكروا القرائن صراحة في باب البينات، ولم يفردوا بحثا مستقلا كبقية وسائل الإثبات (الإقرار- الشهادة - اليمين) . لكنهم بالرغم من ذك أخذوا بها في مسائل كثيرة.. وإن وقف منها بعض الفقهاء موقفا حذرا، أو صرحوا بعدم الأخذ بها، وبعدم اعتبارها دليلا من أدلة الإثبات التي يعتمد عليها ويعمل بمقتضاها.
وعلى ذلك نستطيع القول بأن الفقهاء اختلفوا في ذلك على قولين:
القول الأول:
أن القرائن تعتبر طريقا من طرق الإثبات، ويجوز الاعتماد عليها واعتبارها حجة ودليلا من أدلة الإثبات المعتمدة، ذهب إلى ذلك جمهور الفقهاء (١) .
وقد استدلوا على ذلك بالقرآن والسنة والمعقول.
(١) تبيين الحقائق للزيلعي: ٣/٢٩٩؛ مجموعة رسائل ابن عابدين: ٢/١٢٨؛ تبصرة الحكام: ٢/١٠٥؛ قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: ٢/١١٥؛ معين الحكام، ص١٦١م الطرق الحكمية، ص١٩.