للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي القرآن آيات كثيرة منها:

١- قال الله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: ١٨] فلقد نص ابن فرحون على اعتبار القرينة حجة في الإثبات (١) .

فقد دلت هذه الآية الكريمة أن سيدنا يعقوب عليه السلام لم يقتنع بدعوى أولاده أن الذئب افترس يوسف وقضى عليه، وأنه لا ذنب لهم في ذلك، بل اتهمهم بأن أنفسهم سولت لهم أمرا آخر. وأن دعوى الذئب كاذبة لا أساس لها من الصحة، وذلك لوجود قرائن تدل على كذبهم وهي (٢) :

أنه لما تفحص القميص لم يجد تمزيقا ولا أثر لأنياب الذئب، فاستدل بذلك على كذبهم وأن دعواهم باطلة لا أساس لها من الصحة، ولا من الواقع، لأنه لو أكله الذئب لخرق قميصه ومزقه تمزيقا ظاهرا لا خفاء ولا غموض فيه، لأنه لم يصل إلى اللحم إلا بتمزيق الثياب.

أ - أن يعقوب عليه السلام لما أنكر قصة الذئب تناقضوا في كلامهم، فقال بعضهم لقد قتله اللصوص..فأنكر عليهم هذا القول، لأن اللصوص ما قتلوه إلا لأخذ ملابسه وما معه، فكيف يتركوا القميص الذي هو الأساس الأول للسرقة.

٢- قال تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: ٢٦- ٢٨] .

ففي هذه الآية دليل واضح على العمل بالأمارات، حيث إن الشاهد قد استدل بقرينة قد القميص من قبل أو دبر على صدق أحدهما وكذب الآخر.

٣- قال تعالى: {مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: ٧٥] .


(١) انظر تبصرة الحكام.
(٢) راجع تفسير الألوسي: ١٢/١٧٩؛ تفسير ابن حبان: ٥/٢٨٩، الفخر الرازي: ٥/١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>