للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا-التصوير (الفوتوغرافي) :

والمقصود التقاط الصورة أثناء ارتكاب الجريمة، وتصور المسألة هي فيما لو أقام شخص دعوى على شخص بأنه قد سرق حانوته وليس هناك بينة ولا اعتراف إلا صورة يدعي المدعي أنه التقطها للمتهم وهو يقترف جريمة السرقة، فهل تؤخذ هذه الصورة كقرينة لإدانته؟ للإجابة على هذا التساؤل نقول بأن الفقهاء أبانوا أن دلالة الصورة على أن صاحبها قد سرق دلالة ضعيفة واهية لا تقوم عليها حجة ولا تصلح أساسا يعتمد عليه القضاة في إثبات حد السرقة على المصور. ذلك أنه يحتمل أن تدبلج الصورة وتستخدم لأغراض كثيرة كما هو معمول به اليوم في دور المسارح والسينما، وفي هذا تزوير وتمويه يدل دلالة واضحة على نسفها كدليل أو قرينة، ومن ثم لا يمكن الاستدلال بها أو الأخذ بها في القضاء الإسلامي كوسيلة شرعية (١) ، إضافة إلى أن فيها تجسس وكشف للعورات.

سادسا- تسجيل الصوت:

والمقصود به استخدام الأجهزة في تسجيل الصوت على شرائط تحفظ ثم يبرزها المدعي كقرينة لإدانة المدعى عليه. ففقهاء الشريعة أبانوا أن هذه قرينة واهية وضعيفة وذلك لوجود تقليد في الأصوات وتشابه وتماثل وهذا ما أثبتته دور المسارح والتمثيليات فقد يزور ويقلد الصوت إضافة إلى ما فيه من استراق السمع وجريمة التجسس وهو ما نهى عنه الشارع الحكيم.

وخلاصة القول في ذلك أنها قرائن ضعيفة لا يعتد بها ولا تعتبر حجة فالمعتبر ما وافق روح الشريعة ومقاصدها في المحافظة على استقرار العباد وأمنهم والمحافظة على أعراضهم وحرماتهم.. قال الشيخ ابن القيم - رحمه الله-: (إن الله سبحانه أغنانا بما شرعه لنا من الحنيفية السمحة وما يسره من الدين على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وسهله للأمة عن الدخول في الآصار والأغلال وعن ارتكاب طرق المنكر والخداع) (٢) ، وبعد أن ذكر أمثلة عديدة لما أغنانا الله به عن غيره مما هو غير مشروع قال: (وكذلك أغنانا بالطرق الشرعية عن طرق المكر والاحتيال) (٣) ، فهو بهذا يرى أن الاعتبار هو للطرق التي رسمها الشرع لا لطرق أهل المكر والتزوير والتدليس والاحتيال والتقليد والتمويه.


(١) انظر حجية القرائن في الشريعة الإسلامية، ص٢٠٧، دار عمار.
(٢) الطرق الحكمية، ص٤،٣.
(٣) إغاثة اللهفان:٢/٦٥-٦٦؛ نظام إثبات الدعوى وأدلته في الفقه الإسلامي، علي رسلان، ص٨٩، دار الدعوة، الإسكندرية، ١٤١٧هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>