للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرينة وجود المسروق مع السارق:

وحد السرقة يثبت بالإقرار والبينة التي هي شهادة رجلين، أما ثبوته بالقرائن فمختلف فيه.. ومن القائلين بثبوته بالقرائن الإمام ابن قيم الجوزيه الذي يرى أن وجود المسروق عند المتهم وضبطه في حيازته أبلغ دليل على ارتكابه الجريمة وأصدق من دلالة الإقرار والشهادة لأن الإقرار والشهادة خبران يتطرق إليهما الكذب، أما وجود المال المسروق معه لا يتطرق إليه أي شبهة.

يقول ابن القيم: (ولم يزل الأئمة والخلفاء يحكمون بالقطع إذا وجد المال المسروق مع المتهم، وهذه قرينة أقوى من البينة والإقرار، فإنهما خبران يتطرق إليهما الصدق والكذب، ووجود المال معه نص صريح لا تتطرق إليه شبهة) (١) .

وروي عن الإمام أحمد في هذه المسألة ثلاث روايات:

الأولى: إذا وجد المسروق مع المتهم وقال أنه ملكي إذ كان وديعة عنده أو رهنا أو هبة لي أو غصبه مني أو من أبي أو بعضه لي، فالقول مع المسروق منه مع يمينه لأن اليد ثبتت له، فإن حلف سقطت دعوى السارق ولا قطع عليه لأنه يحتمل ما قال ولهذا أحلف المسروق منه.

الثانية: أنه يقطع لأن سقوط القطع بدعواه يؤدي أن لا يجب قطع سارق فتفوت مصلحة الزجر.

الثالثة: أنه إن كان معروفا بالسرقة قطع لأنه يعلم كذبه وإلا سقط عنه القطع. ويرجح ابن قدامة الرواية الأولى ويقول: إنها الأولى لوجود الشبهة (٢) .

ولا يرى ابن حزم الظاهري القطع لمجرد وجود المسروق معه ويرى أن الحكم بذلك حكم بالظن (٣) كما أنه إذا ادعى ملكية المسروق وإن ثبت خلاف دعواه لا يقطع عند الشافعية والحنفية وتسمى شبهة الملك ويسميه الشافعي السارق الظريف (٤) .


(١) الطرق الحكمية، ص٨.
(٢) المغني: ٨/٢٨٦؛ والقواعد لابن رجب القاعدة الحادية والخمسون بعد المائة، ص٣٥٠.
(٣) المحلى: ١١/٤١١.
(٤) المبسوط: ٩/١٤٩؛ تحفة المحتاج: ٩/١٢٩؛ تحفة الطلاب وحاشية الشرقاوي: ٢/٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>