للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: (ولو صالح الكفيل الطالب من الدين الألف على مائة على أن يهب الباقي، يرجع الكفيل على الأصيل بالألف وإن شرط براءة الأصيل خاصة برئا، وإن شرط براءة الكفيل خاصة برئ الكفيل دون الأصيل وكان للطالب أن يرجع على المطلوب بتسعمائة ويرجع الكفيل على المطلوب بمائة وإن لم يشترط براءتهما في الصلح برئا عن تسعمائة) (١) .

العنصر الثالث:

والدين الذي للتاجر حال غير مؤجل، ولذلك جاز للكفيل أن يصالح الدائن على أقل من مبلغه دون أن يكون ذلك من باب ضع وتعجل بالشرط. ولو كان دينا مؤجلا لم يجز، قال في الهداية في باب الصلح بالدين: (ولو كانت له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة لم تجز لأن المعجل من المؤجل وهو غير مستحق بالعقد فيكون بإزاء ما حطه عنه وذلك اعتياض من الأجل وهو حرام) (٢) .

العنصر الرابع:

هذه البطاقة، ومعناها الضمان، لها مدة صلاحية، فهل يكون هذا توقيتا للكفالة؟.

توقيت الكفالة يحتمل معنيين، الأول: أن يكفل الكفيل الدين مدة معلومة محددة حتى إذا قضت تلك المدة برئت ذمته بمضيها وانتهت الكفالة وإن لم يوف الدائن دينه، والثاني أن يكفله خلال مدة معينة، فما تعلق في ذمة المكفول من دين من معاملات تجري خلال هذه المدة، كان الكفيل بها زعيما، وما وقع بعد هذه المدة من معاملات ترتب عليها ديون فلا يكون الكفيل مسؤولا عنها.

أما المعنى الأول فلا يجوز، لأن الذمة إذا اشتغلت بالدين الصحيح لم تبرأ إلا بأدائه أو المعاوضة عليه أو بإسقاط الدائن إياه أو بهبته للمدين (٣) . وهذا المعنى غير موجود في البطاقة.

أما المعنى فهو ما يدل عليه مدة الصلاحية، وهو معنى مقبول، فللكفيل أن يوقت ضمانه، وله أن يرجع عنه، فإذا فعل كان ضامنا لما ثبت في ذمة المكفول قبل الرجوع أو قبل انتهاء الوقت. ولذلك أجاز الفقهاء للكفيل أن يرجع عن الضمان قبل المبايعة وأن يعلم المكفول له برجوعه فإن فعل لم يضمن، جاء في المدونة لمالك: (قال شخص لآخر: داين فلانا فما داينته فعلي فلم يداينه حتى أتاه فقال لا تفعل فإنه قد بدا لي، أيكون ذلك له؟ قال نعم حتى إذا داينه لم يلزمه شيء لرجوعه عن كفالته في المداينة) (٤) ، وجاء في الهندية عن التتارخانية: (ولو رجع الكفيل عن الضمان قبل المبايعة أو نهاه لم يضمن) (٥) وتاريخ الصلاحية ما هو إلا إعلام للتجار أنه قد وقت لكفالته وقتا ضمن دين حاملها، وانه بعد هذا التاريخ لا يضمن.


(١) مجمع الضمانات، ص٢٧٤، وجاء في قواعد ابن رجب، القاعدة السابعة والستون: " ومنها لو قضى الضامن الدين ثم وهبه الغريم ما قضاه بعد قبضه فهل يرجع على المضمون عنه.. ظاهر كلام الأصحاب بأنه لا يرجع.. فأما إن قضى الدين بكماله ثم وهب الغريم منه فلا يبتعد تخريجه على الوجهين ".
(٢) كتاب الهداية، باب الصلح، ص٢٢٠
(٣) علي الخفيف، الضمان، ص٢٥
(٤) نقله علي الخفيف في كتاب الضمان عن المدونة: (١٧/١١٠) .
(٥) المصدر السابق: (٣/٢٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>