للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- إن الرسوم التي تستقطع من التجار ليست من الأجر على الضمان، ولو كانت فليس هذا هو الأجر الممنوع، ذلك لأن الأجر الممنوع إنما يدفعه المكفول، وليس المكفول له. ولا يعد إذا دفعه المكفول له من الأجر الممنوع، لأن العلة التي أشرنا إليها آنفا (وهي انقلاب الكفالة إلى مداينة فتصبح من القروض التي تجر نفعا) هذه العلة لا توجد في حال كون الأجر مدفوعا من قبل المكفول له، فالكفيل إذا سدد الدين عن المكفول فإنه يكون أمام التاجر مدينا فما أخذ منه زيادة على الدين (الأجر على الكفالة) لا يدخل في باب الربا، لأن الربا يدفعه المدين إلى الدائن وهنا دفعه الدائن إلى المدين. وعلاقة الكفيل بالمكفول قد انقلبت عند التسديد إلى مداينة، لكن الكفيل لا يأخذ من المكفول إلا مبلغ الكفالة بلا زيادة، فلم تقع الكفالة في محظور القرض الذي جر نفعا.

٢- أما الرسوم التي يدفعها حامل البطاقة إلى مصدرها، فلا شك أنها من الأجر على الضمان. فإذا قلنا لا يجوز الأجر على الضمان، كان علينا أن تقصر الصيغة الجائزة للبطاقة على تلك التي لا رسوم فيها على حاملها إلا ما كان من تلك الرسوم مقابلا بتكاليف إصدار أو مراسلات أو نحو ذلك.

وقد اتجه بعض الفقهاء المعاصرين إلى القول بما تقرر عنه جمهور الفقهاء من جواز انقلاب عقود التبرعات إلى معاوضات بالتراضي، ومن ثم لا يمتنع شرعا أن ينقلب محض الالتزام في الكفالة بالمال وإن كان الأصل فيه التبرع إلى معاوضة إذا اشترط ذلك لأن في الالتزام مصلحة مشروعة كسائر المنافع والمصالح المعتبرة المتقومة فجاز أخذ الأجر عليه، كما أجاز الفقهاء قديما الأجر للإمام والخطيب والمؤذن والشاهد ومعلم القرآن والفقيه إذا احترفوا وأعرض الناس عن التطوع والتبرع (١) . ولهذا الرأي من الوجاهة في يوم الناس هذا ما لا يخفى.


(١) انظر د. نزيه حماد: مدى جواز أخذ الأجر على الكفالة في الفقه الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>