للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى جانب الحديث السابق وغيره من الأحاديث (١) الدالة على مشروعية أخذ الزيادة من دون شرط فإن بعض الأدلة الأخرى تمنع المنفعة للمقرض بصورة شاملة ومنها:

١- عن زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب: يا أبا المنذر إني أريد الجهاد فآتي العراق فأقرض، قال: إنك بأرض الربا فيها كثير فاش فإذا أقرضت رجلا فأهدي إليك هدية فخذ قرضك؛ واردد إليه هديته (٢) .

٢- عن فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وكل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا) (٣) .

وإذا اعتمدنا قانون الترجيح بين الأدلة فإن الوارد في مشروعية الزيادة دون شرط أقوى.

وأما التأمين على الحياة وعلى غيرها فهو من المشاكل التي لا تزال مطروحة على العالم الإسلامي تنتظر رأيا فقهيا واضحا يحرم جميع أنواعه أو يحرم بعضها.. ومادام الأمر كذلك فإن الناس يضطرون إلى الخضوع لبعض أنواعه اعتقادا منهم بعدم جوازها ... وذلك لأن التأمين لم ينشأ في الدول الإسلامية ولم يؤصل وفق مبادئ الدين ومقاصده، فهو نظام دخل إلى البلاد الإسلامية عن طريق الشركات الاستعمارية، يقوم على الجهالة وفيه شبهة المقامرة، وانعدام الثقة بقضاء الله وقدره (٤) . يقول الأستاذ عبد العزيز توفيق في كتابه (عقد التأمين في التشريع والقضاء) : (إن عقد التأمين من عقود الغرر، وهذا الوصف (الغرر) الملصق به يؤديه حتى أولئك الذين شرعوه ووضعوه من جملة عقود القانون المدني؛ فقد صنفوه مع عقود الغرر والتي لا توازن فيها بين التزامات أطرافها أي لا يعرف أي المتعاقدين وقت إبرام العقد كم يأخذ مقابل ما يعطي- وهذا الغرر قد يكبر حتى يضاعف مئات المرات ما يأخذه أحد أطراف العقد مقابل ما يدفعه) (٥) .

إن عقد التأمين فيه غرر، وهو في ذلك مثل العقود التي نهى المشرع عنها كنهيه صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة (٦) .


(١) مسلم بشرح النووي:١١/٣٧.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي: (٥/٣٤٩) .
(٣) المصدر السابق، ص٣٥٠.
(٤) يسألونك في الدين والحياة، مج (٦) ، ص١٧٤.
(٥) ص٢١.
(٦) صحيح البخاري: (٣/٢٤) ، باب بيع المنابذة.

<<  <  ج: ص:  >  >>