للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما فرض الفائدة على صاحب البطاقة في حال عدم وجود مبلغ مالي في حسابه أو عدم الكفاية- والذي أخبرني به أكثر من واحد من رجال البنوك في المغرب- من دون التصريح بذلك في العقد فهو من قبيل الصنف الأول؛ إذ المقرض فيه وهو المؤسسة البنكية يفرض فائدة على المبلغ الناقص، فمثلا إذا كان في الحساب (٣٠٠٠) درهم وسحب صاحب البطاقة في حدود المبلغ المسموح به في العقد (٤٠٠٠) درهم فإن الألف درهم تفرض عليها الفائدة، وهو يجر للمقرض فائدة، والمفروض في القرض الشرعي أن يستفيد المقترض من القرض (١) وليس العكس.

فهذه كذلك صورة باطلة كالأولى.

ومن المفارقات أن البنوك تأخذ فائدة على السلف الذي تمنحه لحامل البطاقة في حال عدم وجود المال في الحساب أو عدم كفايته ولو كانت المدة أسبوعا أو أقل في الوقت الذي تستفيد فيه من أموال المتعاملين معها الذين لا يأخذون فوائد من البنك أسابيع وربما شهورا.

وإذا وجد عقد لا ينص على الفائدة ولا يأخذها في حال تجاوز مبلغ الحساب ... فإن العقد في هذا الجانب صحيح.

وأما إن كانت الزيادة من المقترض لفائدة المقرض اختيار من دون شرط، فقد عدها بعض الفقهاء من السنة ومن مكارم الأخلاق استنادا إلى بعض الأحاديث كحديث أبي رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فرجع إليه أبو رافع فقال لم أجد فيها إلا خيار رباعيا فقال: ((أعطوه إياه، إن خير الناس أحسنهم قضاء)) (٢) . قال النووي في شرحه لهذا الحديث: (وليس هو من قرض جر منفعة فإنه منهي عنه لأن المنهي عنه ما كان مشروطا في عقد القرض، ومذهبنا أنه يستحب الزيادة في الأداء عما عليه، ويجوز للمقرض أخذها سواء زاد في الصفة أو في العدد بأن أقرضه عشرة فأعطاه أحد عشر، ومذهب مالك أن الزيادة في العدد منهي عنها) (٣) .


(١) إحكام الأحكام على تحفة الحكام، ص٢٣٨.
(٢) مسلم بشرح النووي: (١١/٣٦) .
(٣) مسلم بشرح النووي: (١١/٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>