للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله، فلأنه يعتبر الثمنية علة لتحريم التفاضل والنسيئة، سواء كانت الثمنية جوهرية، كما في الذهب والفضة، أو عرفية مصطلحة، كما في الفلوس، فلا يجوز التفاضل والنسيئة في مبادلتها بجنسها. وجاء في المدونة الكبرى للإمام مالك:

"ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود، حتى يكون لها سكة وعين، لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة؛ لأن مالكًا قال: لا يجوز فلس بفلسين، ولا تجوز الفلوس بالذهب والفضة ولا بالدنانير نظرة" (١) .

وأما الحنفية فإن العلة عندهم، وإن كانت الوزن، ولا يوجد ذلك في الفلوس ولكنهم يقولون: إنها أمثال متساوية قطعًا، لاصطلاح الناس بإهدار الجودة منها، فلو بيع فلس واحد بفلسين كان أحد الفلسين خاليًا عن العوض مشروطًا في العقد، وهو الربا، وهذا مادامت ثمنيتها باقية بأن لا تتعين بالتعيين، ثم يقول محمد بن الحسن رحمه الله: إنه لا سبيل إلى إسقاط ثمنيتها ما دامت رائجة؛ لأنها صارت ثمنًا بالاصطلاح، فلا تبطل إلا باصطلاح الجميع، فليس للمتعاقدين إبطالها وتعيينها، فلا يجوز الفلس بالفلسين بحال. ويقول أبو حنيفة وأبو يوسف: إن للمتعاقدين إبطال ثمنيتها بتعينها، وحينئذ تصير عروضًا متعينة، ويجوز فيها التفاضل (٢) .


(١) المدونة الكبرى، للإمام مالك: ٧/١٠٤.
(٢) راجع لتفصيله العناية على هامش فتح القدير: ٥/٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>