للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإمام أحمد، فعنه في هذه المسألة روايتان: الأولى: أنه يجوز الفلس بالفلسين؛ لأن علة الربا عنده الوزن، ولا يوجد في الفلوس لكونها عددية. والثانية: لا يجوز، ويجري فيها الربا؛ لأن أصله الوزن، فلا يخرج بالصناعة عنه كالخبز، وذكر ابن قدامة أن اختيار القاضي أن ما كان يقصد وزنه بعد عمله كالإِسطال ففيه الربا، وما لا فلا (١) .

وقياس هذا التعليل أن يجوز عنده بيع الأوراق النقدية متفاضلة؛ لأن الورق ليس موزونًا من أصله، بخلاف الفلوس المعدنية، والله سبحانه أعلم.

والمذهب الثاني للفقهاء في هذا الباب: أنه يجوز بيع الفلس بالفلسين، ويجوز التفاضل في مبادلة الفلوس بالغًا ما بلغ، وهو مذهب الشافعي رحمه الله؛ وذلك لأن علة الربا عنده جوهرية الثمن، فتختص بالذهب والفضة، وليست الفلوس في حكمها، فلا ربا عنده في الفلوس وإن راجت، فيجوز عنده بيع بعضها ببعض متفاضلاً (٢) .

وكذلك أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوزان الفلس بالفلسين، إذا كانا بأعيانهما، وعينهما العاقدان، لفوات ثمنيتهما حينئذ، وكونهما عروضًا محضة، كما قدمنا.


(١) المغني لابن قدامة، مع الشرح الكبير: ٤/١٢٨و ١٢٩، وفتاوى ابن تيمية: ٢٩/٤٦٠.
(٢) راجع نهاية المحتاج، للرملي: ٣/٤١٨، وتحفة المحتاج، لابن حجر، مع حاشية الشرواني: ٤/٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>