لم يعرض الأساتذة أصحاب هذا الرأي لموضوع النصاب الذي يجب توافره في غلة العمارة أو المصنع، كم هو؟ وكيف يقدر بقيمة نصاب الزرع، وهو خمسة أوسق (خمسون كلية مصري) ؟ وهل يعتبر أدنى الحبوب والثمار أو أوسطها أو أعلاها؟ – وقد يؤيد هذا المنزع أن نقيس غلة المصنع على غلة الأرض- أم يقدر النصاب بالنقود أي بما قيمته ٨٥ جرامًا من الذهب، على اعتبار أن الذهب وحده التقدير في كل العصور؟
لعل هذا هو الأقرب والأيسر، فإن الشارع اعتبر من ملك هذا القدر غنيًا، وأوجب عليه زكاة، ولم يوجب على من ملك دون ذلك شيئًا من الزكاة. وما دام مالك العمارة أو المصنع يقبض غلة ملكه نقودًا؛ فالأولى أن يقدر النصاب بالنقود.
المدة التي يعتبر فيها النصاب:
وإذا كان لا بد من اعتبار النصاب – لأنه الحد الأدنى للغنى في نظر الشارع – فما المدة التي يعتبر فيها النصاب؟ أيعتبر بالشهر؟ فكل غلة شهر يشترط فيها أن تبلغ نصابًا، أم يعتبر بالسنة؟ فتضم إيرادات الشهور بعضها إلى بعض، ويخرج منها الزكاة في رأس الحول إذا بلغت نصابًا. إن الاعتبار بالشهر له مزية، وهي إعفاء ذوي الإيراد القليل من أصحاب الدور المتواضعة، التي لا يبلغ كراها في الشهر نصابًا، ففيه رفق بأرباب المال.
ولكن الاعتبار بالسنة أنفع للفقراء والمستحقين، لما فيه من توسيع قاعدة الزكاة والأموال التي تجب فهيا، إذ في هذه الحالة تجب على عدد أكبر، فإن ضم دخل الشهور بعضها إلى بعض حتى تبلغ النصاب يدخل في ممولي الزكاة عددًا أكبر.