للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

العلاج الفقهي

١ - المبادئ العامة.

٢- التأصيل الفقهي للمسألة.

العلاج عن طريق المبادئ العامة

أولًا – مبدأ العدالة وعدم الظلم:

لا أحد يستطيع أن ينكر الأضرار الناجمة من التضخم، والمظالم التي تقع على الدائنين، وأصحاب الدخول الثابتة، والمؤجرين ونحوهم – كما سبق – ولكن بعض الباحثين يلقون بالملامة على الحكومات والأزمات، غير أن ذلك - مع التسليم بصحته في بعض الأحيان - لا يُجيز إبقاء المظالم والأضرار على هؤلاء المتضررين، ولا يعفي الفقهاء من البحث عن الحلول الوقتية الواقعية، فالفقه هو علاج الواقع على ضوء قواعد الشريعة الإسلامية الغراء ومبادئها السامية؛ وذلك لأن إصلاح النظام النقدي الدولي أو الإقليمي ليس بأيدينا، بل يحتاج إلى سياسات دولية اقتصادية ناجحة تشترك فيها جميع الدول المؤثرة، وهذا ما نتمناه، وندعو إليه، ونحمّلها المسؤولية، لكن هل يعني ذلك أن نترك علاج الواقع لعشرات السنين، وهل نقول لهؤلاء المتضررين الذين أعيدت إليهم نسبة قليلة من حقوقهم بسبب التضخم: عليكم بالصبر إلى ذلك اليوم الموعود حينما ينصلح النظام النقدي!

فإذا كان الظلم مرفوعًا عن أحكام هذه الشريعة حتى في باب الربا عندما يتوب المرابي {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] فكيف يُقرَّر الظلم في باب القروض والديون التي مبناها على الإحسان، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خياركم أحسنكم قضاءً)) (١) .

وإذا كانت القاعدة العامة في هذه الشريعة أن الضرر يُزال، فيجب أن تزال الأضرار الواقعة على الدائنين - ومَنْ في حكمهم - من خلال حل عادل لا يضار فيه دائن ولا مدين.


(١) جاء في الصحيحين أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه بعيرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطوه)) فقالوا: لا نجد إلا سنًا أفضل من سنه. فقال صلى الله عليه وسلم: ((أعطوه، فإن خياركم أحسنكم قضاء)) . انظر: صحيح البخاري – مع فتح الباري -: ٥ /٥٦ – ٥٩؛ ومسلم: ٣ / ١٢٢٤؛ والترمذي – مع تحفة الأحوذي -: ٤ / ٥٤٤؛ والنسائي: ٧ / ٢٥٦؛ وسنن أبي داود مع عون المعبود: ٩ / ١٩٩٦؛ والموطأ، ص ٤٢٢؛ والرسالة، الفقرة (١٦٠٦) ؛ ويراجع تلخيص الحبير: (٣ / ٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>