للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعيار الثاني:

الاعتماد على الذهب واعتباره في حالة نشأة العقد الموجب للنقود الورقية، وفي حالة القيام بالرد، وأداء هذه الالتزام، بحيث ننظر إلى المبلغ المذكور في العقد، كم كان يشترى به من الذهب؟ فعند هبوط سعر النقد الورقي الحاد أو ارتفاعه الحاد يلاحظ في الرد – وفي جميع الحقوق والالتزامات – قوته الشرائية بالنسبة للذهب، فمثلًا لو كان المبلغ المتفق عليه عشرة آلاف ريال ويشترى به عشرون جرامًا من الذهب، فالواجب عند الرد والوفاء بالالتزام المبلغ الذي يشترى به هذا القدر من الذهب؛ وذلك لأن الذهب في الغالب قيمته أكثر ثباتًا واستقرارًا، وأنه لم يصبه التذبذب والاضطراب مثل ما أصاب غيره حتى الفضة (١) . ولذلك رجح مجمع البحوث الإسلامية الاقتصار – في التقويم بخصوص النصاب في عروض التجارة والنقود الورقية – على معيار الذهب فقط؛ لتميزه بدرجة ملحوظة من الثبات (٢) ، ويشهد لاعتبار الذهب دون الفضة في التقويم: أن الذهب لم يقوم بغيره في حين أن الفضة قد قومت به في مسألة نصاب السرقة.

يقول السيوطي: "الذهب والفضة قيم الأشياء إلا في باب السرقة، فإن الذهب أصل، والفضة عروض النسبة إليه " نص عليه الشافعي في الأم، وقال: " لا أعرف موضعًا تنزل فيه الدراهم منزلة العروض إلا في السرقة" (٣) .

ثم إذا حصل توافق وتراض بين الطرفين على القيمة فبها ونعمت، وإلا فيرجع الأمر فيها إلى القضاء أو إلى التحكيم، وتنطبق على هذه المسألة حينئذ جميع القواعد العامة في الدعاوى والبينات والقضاء.

الجمع بين المعيارين:

ويمكن لقاضي الموضوع،أو المحكم أن يجمع بين المعيارين، بأن يأخذ في اعتباره متوسط قيمة النقد بالنسبة للذهب والسلع الأساسية يوم إنشاء العقد.


(١) فقه الزكاة: ١ / ٢٦٥ – ٢٦٩.
(٢) مقررات مجمع البحوث الإسلامية في مؤتمره الثاني سنة (١٩٦٥م) القرار (٢) ص ٢٠٤؛ ويراجع فقه الزكاة: ١ / ٢٦٤، وذكر أن الاعتبار بالذهب في الزكاة في الزكاة هو ما اختاره الشيوخ الأجلاء أبو زهرة، وخلاف، وحسن رحمهم الله.
(٣) الأشباه والنظائر، ص ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>