لا شك أننا لا نلجأ إلى التقويم في كل الأحوال، ولا عند وجود التراضي بين الأطراف، وإنما نلجأ إليه عند وجود الغبن الفاحش الذي يلحق بأحد العاقدين، سواء كان في عقد القرض، أم البيع بالأجل، أم المهر، أم غير ذلك من العقود التي تتعلق بالذمة ويكون محلها نقدًا آجلًا ثم تتغير قيمته من خلال الفترتين: فترة الإنشاء وفترة الرد والوفاء، تغييرًا فاحشًا، وبعبارة أخرى: نلجأ إلى القيمة عند انهيار النقد، كما حدث لليرة اللبنانية والدينار العراقي والدينار الكويتي فترة الاحتلال، حيث لم تبق لها قيمة تذكر، فأصبحت – كما قال البهوتي – أشياء لا ينتفع بها الانتفاع المطلوب، وكذلك عند وجود الارتفاع الحاد، كما حدث للمارك الألماني بعد الحرب العالمية الثانية، ويستأنس لذلك بما ذهب إليه جماعة من الفقهاء من اعتبار الغبن الفاحش حتى في البيوع التي مبناها على المساومة (١) ، كما ذكر بعض العلماء مثل الرهوني أن التغيير الكثير لا بد من ملاحظته حتى في المثليات، فيجعلها من القيميات، وكذلك قال الرافعي وغيره في مسائل كثيرة، كما سبق.
(١) يراجع في تفصيل ذلك: مبدأ الرضا في العقود، ط. دار البشائر الإسلامية، بيروت: ١ / ٧٣٥.