للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الصلح:

يدل الكتاب والسنة والإجماع على مشروعية الصلح، بل على استحبابه وكونه مطلوبًا، فمن الكتاب قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] وقوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: ١١٤] .

قال ابن رشد: " وهذا عام في الدماء والأموال والأعراض وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين " (١) .

وأما السنة فالأحاديث فيها أكثر من أن تذكر، فقد عقد الإمام البخاري كتابًا مستقلًا للصلح وخصص غيره أبوابًا له، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا)) (٢) .

وأجمع الفقهاء على مشروعية الصلح. قال ابن قدامة: "وأجمعت الأئمة على جواز الصلح " (٣) .

والصلح نوعان: صلح عادل فهذا جائز بل مندوب إليه ومطلوب، وصلح جائر وهو محرم مردود، فقد أمر الله تعالى أن يكون الصلح بالعدل فقال تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩] .


(١) المقدمات الممهدات:٢/ ٥١٦.
(٢) هذا الحديث روي بطرق ورويات عدة يصل إلى درجة الحسن أو الصحيح لغيره فقد أخرجه الترمذي ١ /٢٥٣ وابن ماجة الحديث رقم ٢٣٥٣، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح؛ وأخرجه الطبراني في الكبير: ١ / ٢٢٢، وقال الشيخ الألباني في الإرواء: ٥ / ١٤٥: صحيح لغيره.
(٣) المغني: ٤ / ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>