ومن جهة أخرى، فإن على السالوس له رأي مخالف للسابقين، ففي دراسة عن أثر تغير يمة النقود في الحقوق والالتزامات يخلص إلى أن " النقود مرجعها إلى العادة والاصطلاح، ولهذا كانت النقود الورقية نقدًا قائمًا بذاته، له ما للذهب والفضة من الأحكام "(١) وهذه العبارة تجمع ما بين ما هو مقبول وما هو مرفوض، أما ما هو مقبول بالنسبة للاقتصاديين المعاصرين، فهو أن منشأ النقود الورقية العادة والاصطلاح، وأنها نقدًا قائمًا بذاته، أما ما هو غير مقبول فهو أن يعتبر ذلك أساسًا لتأخذ ما للذهب والفضة من أحكام، لقد كان النقد الذهبي أو الفضي نقدًا قائمًا بذاته، ولكن هل أخذ أحكامهما في الفقه الإسلامي من العادة والاصطلاح.
لقد أخذ الذهب والفضة أحكامها في الفقه الإسلامي؛ لأنهما أثمان بالخلقة، حيث لهما قيمة سلعية أو ذاتية الثمنية بالخلقة، أو لأنهما يوزنان (علة الوزن) ، ولم أقرأ لأحد أبدًا أنهما أخذا أحكمهما الفقهية من العادة والاصطلاح، وحينما كانا يؤخذان بالعدد فإنما لأن عملية السك ضبطت الوزن في قطع مميزة من النقد، فأصبح الناس يعدون النقود عدا اعتمادًا على أنها قد وزنت بدقة بضمان السلطة المصدرة لها، ولو فرضنا جدلًا أن السلطة سكت نقودًا غير محددة الوزن أو غير موزونة بدقة، لقام الناس بوزنها ولم يأخذه أحد بالعدد إلا ناقص عقل أو دين؛ لأن هذا لن يعني إلا سفه شديد أو ربا صريح.
(١) علي أحمد السالوس، أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزامات، ندوة ربط الحقوق والالتزامات بتغير الأسعار، البنك الإسلامي، جدة (١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧م) ، وكذلك مؤلفه (النقود واستبدال العملات) .