للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتزداد أهمية المناقشة السابقة كلها حينما نتطرق إلى نوع آخر من النقود المعاصرة أصبح أكثر أهمية من النقد الورقي، ألا وهو النقد المصرفي، والذي يطلق عليه نقود الودائع أو النقود الائتمانية والتي ظهرت وتطورات تطورًا هائلًا في عصر النقود الورقية، وأصبح لها أهمية كبرى في كافة المجتمعات الحديثة. ففي وقتنا الحاضر ينقسم عرض النقود في معظم بلدان العالم إلى قسمين: الأول يتكون من العملات الورقية والعملات المعدنية الصغيرة المساعدة لها، وهي جميعًا نقود اصطلاحية إلزامية (Legal tender) تصدر عن الخزانة أو البنك المركزي، والقسم الثاني يتكون من نقود الودائع أو النقود الائتمانية أو المصرفية والتي لها خصائص تميزها عن غيرها، ويتم توليدها عن طريق المصارف التجارية، والملاحظ أن القسم الأكبر من النقود في بلدان العالم – خاصة البلدان المتقدمة اقتصاديًا – عبارة عن نقود مصرفية. هذه النقود المصرفية أو الائتمانية تتمثل في الودائع التي تحتفظ بها البنوك في حساباتها ن ويمكن التصرف في مبالغها عن طريق استخدام الشيكات cheques أو بطاقات الائتمان. ولو أن الودائع التي تحتفظ بها المصارف في حساباتها تساوي ما يحتفظ به الأفراد من نقود لديها، لما كان في الأمر شيء جديد يستحق الاهتمام. فالأفراد – في هذه الحالة - يودعون مبالغ نقدية لدى المصارف، ثم يقومون بسحبها لأمرهم أو يأمرون بدفعها لآخرين، ولكن الواقع أن الودائع المصرفية تفوق مجموع ما يحتفظ به الأفراد من نقود لدى المصارف، فالواقع أن المصارف التجارية بما ليدها من أصول مختلفة من جهة، ولما تحوزه من ثقة من جانب الأفراد الذي يتعاملون معها من جهة أخرى، تستطيع أن (توليد) (١) ودائع مصرفية، وينبغي أن يكون واضحًا منذ البداية أن هذه المقدرة على توليد نقود الودائع لا تتأتى لمصرف واحد، وإنما تتأتى للمصارف مجتمعة معًا.


(١) الكلمة الشائعة لدى رجال الاقتصاد المعاصرين هي خلق ودائع مصرفية أو نقود ائتمانية، ولكن حيث يعترض البعض على حق استخدام هذه الكلمة بالنسبة للمخلوقين، فإن كلمة توليد تحل محلها وتكفي، وقد استخدمها بعض الكتاب الإسلاميين في هذا الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>